لم يبق من الزمن القديم سوى ربطة الخبز التي حافظت على رباطة جأشها بريال واحد منذ أن عرفت أكل الخبز. وفي يومين متتاليين، كان العنوان الرئيسي على الصفحة الأولى، وعلى التوالي، إقلاع أسعار الحديد والألبان بتبريرات واهية من المنتجين والمصنعين. وبين يدي الآن ـ فاتورة ـ مشتريات احتفظت بها ـ عمداً ـ منذ عيد الأضحى الماضي، وحين عدت لقياس الفوارق في الأسعار مساء ما قبل البارحة وجدت بالآلة الحاسبة أن أكثر هذه الأغراض تماسكاً وأقلها إقلاعاً قد ارتفع بنسبة 9%، وبعضها يضرب رقماً قياسياً مخيفاً وهو يرتفع إلى أكثر من 30% خلال أقل من تسعة أشهر. ما الطارئ الجديد لدى الخروف كي يرتفع بمقدار الثلث بين صيف والذي يليه؟ وما الذي دهى علبة ـ المضاد الحيوي ـ وهي ترتفع 15% في ظرف شهرين برغم القرار السيادي قبل ثلاثة أعوام بخفض تسعيرة العلاج ثم اكتشفنا بحسب دراسة الزميلة صحيفة الاقتصادية أن أسعار الدواء ارتفعت 60% مقارنة بما كانت عليه قبل القرار؟ هذه الارتفاعات المخيفة لا علاقة لها مطلقا بالعرض والطلب ولا بكذبة ارتفاع تكلفة الخام في السوق العالمي. معدل التسارع المخيف لا يخضع أبداً لمعادلة التضخم ولا لمقاربات ارتفاع الأسعار التي تعرفها كل دولة. اقرؤوا على صفحات الصحف تهافت بعض الشركات على دعوة الأفراد للسفر إلى الصين كي يحولوا مبلغ العشرة آلاف ريال إلى المئة الكاملة في ظرف شهر واحد لتعرفوا كيف يأكل الجشع أكتافكم وإلا فكيف ستكون أسعار السلعة عشرة أضعاف قيمة شرائها من المصدر؟
لماذا رفعوا قيمة كرتون الماء 40% رغم أنهم يسحبون ذات ـ الماركة ـ من ذات البئر على الشارع الموازي لمنزلي أو يشحنونه في القوارير مباشرة من وايت التحلية، وصدقوني لو أقسمت لكم إنني واجهت في حياتي كافة أصناف الموظفين وكل مراتب الدولة من أعلاها حتى أدناها ولكنني، وأقسم بالله، لم أقابل أحداً يعرف نفسه إلي على أنه مراقب تجاري أو موظف لحماية المستهلك.