"حضرت كرجل أعمال وليس كوزير للعمل", بهذه الجملة رد وزير العمل المهندس عادل فقيه على تساؤلات رجال الأعمال السعوديين الذين التقاهم في مجلس الغرف التجارية في الرياض أمس، مجددا التزامه فترة الصمت التي حددها بثلاثة أشهر، موضحاً أن فترة الاستماع ضرورية لتكوين الرؤية بشكل أعمق لاتخاذ القرارات. وأمام محاولة رجال الأعمال الحصول على رد من الوزير حول ملف الفساد والرشوة، اكتفى فقيه بالقول "إنه يجب النظر له من جميع الزوايا، الراشي والمرتشي، وما هي الدوافع التي أدت إليه، ومن المتسبب من ورائه صاحب العمل أم مكاتب العمل". إلى ذلك وصف رئيس مجلس إدارة الغرف السعودية صالح كامل المتاجرين بالتأشيرات بـ "المافيا وعش الأفاعي" وزاد حدة في وصف البطالة بـ "جَدَّة الكبائر".




جملة من الملفات الساخنة كانت بانتظار وزير العمل المهندس عادل فقيه أثناء لقائه برجال الأعمال السعوديين أمس بمجلس الغرف التجارية أبرزها مشاكل التأشيرات والفساد في مكاتب العمل "الرشوة" والبطالة وتأنيث محلات بيع الملابس النسائية وسعودة الوظائف، وطول انتظار المواطنين في مكاتب العمل، وكل من العمالة السائبة والمنزلية.

لكن الوزير خلع عباءة الوزارة قائلا: "حضرت كرجل أعمال وليس كوزير للعمل"؛ لكن ذلك لم يمنع رجال أعمال الغرف التجارية من بلورة همومهم أمام الوزير الذي لم يرد، مجددا تأكيده بالتزامه فترة الصمت التي حددها بثلاثة أشهر حيث قال: "سأتكلم معكم بصفتي رجل أعمال". موضحا أن فترة الاستماع ضرورية لتكوين الرؤية بشكل أعمق لاتخاذ القرارات.

ومع ذلك أكد فقية أن الفساد ليس حصرا على وزارة أو دائرة معينة، قائلا: "إن الفساد يجب النظر له من جميع الزوايا، الراشي والمرتشي، وما الدوافع التي أدت إليه، ومن المتسبب من ورائه صاحب العمل أم مكاتب العمل؟".

وطالب فقيه رجال الأعمال بأن يتقدموا للوزارة بمقترحات وحلول لمشاكلهم شريطة أن تكون تلك الحلول جذرية.

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة الغرف السعودية صالح كامل ردا على سؤال "الوطن" حول قرار وزارة العمل سعودة محلات الذهب 100%: "إن القرار خاطئ ويجب التراجع عنه", مؤكدا أن القرار أدى إلى تراجع المملكة من كونها مركزا تجاريا للمجوهرات والذهب بالنسبة لكثير من الدول المحيطة بها إلى تحولها سوقا لهم لتصدير بضائعهم.

واقترح كامل عقب الانتهاء من اللقاء على الوزير إنشاء لجنة تقوم بإعداد دراسة لجميع المشاكل التي تواجه قطاع الأعمال ووضع الحلول المناسبة يتم عرضها عليه. مشيرا إلى أن اللجنة تكون من اللجان الوطنية والغرفة التجارية وأصحاب الأعمال.

وصف كامل المتاجرين بالتأشيرات بـ"المافيا وعش الأفاعي"، وزاد حدة في وصف البطالة بـ"جَدَّة الكبائر". فيما أرجع نصف أسباب البطالة في المملكة إلى سوء تربية الأهل في عدم تعزيز روح العمل لدى أبنائهم. مبتدئا في كلمته بإبراز قضيتين ـ يراها الأهم بحسب وجهة نظره ـ وهي "السعودة والبطالة". مطالبا وزير العمل بالتعاون مع جميع الوزارات لترتيب الأوضاع بكثير من الحكمة وأن يكون عمل الشاب السعودي مطلبا لصاحب العمل لا فضلا منه.

وأوضح كامل أن عمل الشاب السعودي يترتب عليه واجبات كما له حقوق. مشيرا إلى أن هناك مجموعة من الشباب السعودي على علم وفهم بأخلاقيات العمل ومثاليته بينما هنا فئة من الشباب يعتقد أن سعوديته فقط تجلب له حقوقا وترفع عنه واجبات. مطالبا إياهم بأن يقبعوا في حضون ذويهم عقابا لهم على سوء فهمهم ولأهاليهم على سوء تربيتهم إذ لم يعلموه المسؤولية وقيمة العمل. وأرجع أمر نصف البطالة وتكدسها إلى هؤلاء الشباب الذين لا يريدون العمل إلا في المدن الكبيرة بعد هروبهم من مدنهم الصغيرة. مضيفا: أن طلاب العلم القادمين منها كذلك لا يفضلون العودة لإعادة بناء مدنهم وهنا طالب صالح كامل بمواجهة هذه المشكلة من كافة الوزارات المعنية منها وزارة العمل، التجارة والصناعة والتعليم وغيرها من الوزارات؛ وذلك لتوزيع الأعمال وتوفير فرص العمل في جميع أنحاء المملكة. وأكد صالح كامل أن على وزارة التعليم العالي والجامعات أن تعيد النظر في مراجعة تخصصاتها ومخرجاتها لسوق العمل حتى تخفف من سوء التوزيع في سوق العمل ووضع مادة إجبارية لتعليم الطالب أخلاقيات المهنة. محذرا من البطالة واصفا إياها بأنها "جدة الكبائر" كون الخمر هو أم الكبائر وأنها قنبلة موقوتة تترصد بشبابنا. منوها بأن ريحها بدأت في تدمير الشاب السعودي وذلك لوجود مدمني المخدرات والإرهابيين؛ فيما وضح صالح كامل أن الفتاة السعودية تعمل خارج الوطن بوظائف يمكن للوطن أن يوفرها لها بكل احترام لخصوصيتها.

وعن مشكلة الاستقدام أكد صالح كامل أنها ضرورة وليست ترفا ولا توفيرا للأجور. موضحا أن هناك مجموعة من الوظائف يحتاج صاحب العمل فيها إلى غير السعوديين وأن هناك نواحي إنسانية للمستقدمين للعاملين غير السعوديين. واصفا إياهم بإخوانهم المساهمين في بناء الوطن. وطالب بإيجاد حلول لكل من قضى 10 سنوات في المملكة وأن لا تكون السعودة سببا من التجريد من الإنسانية.

وواصل صالح كامل حديثه عن الاستقدام بوصف مستغليها بمافيا التأشيرات أو "بعش الأفاعي". موضحا أن الجميع يعلمون بأن الاستقدام عن طريق الإجراءات القانونية يحتاج إلى جهد ووقت أطول من أن يتم شرائها ممن يعرضها للبيع بأسعار يقررها "بائع التأشيرات" تتفاوت ما بين الـ5 ـ 8 ـ 10 آلاف ريال سعودي؛ فيما أبدى صالح كامل أسفه لغض الطرف عن حديث الرسول عن الراشي والمرتشي والملعونين جميعا. داعيا الله أن يغفر لهم. مطالبا وزير العمل بأن يحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها كونها لا ترضي الله ولا ولاة الأمر؛ فيما عرض صالح كامل فكرته التي طرحها قبل 30 عاما بأن تأسس شركات خاصة بالاستقدام بتأجير العمال داخليا كون مكاتب الاستقدام الموجودة حاليا زادت من الأمور إساءة وتعقيدا. مطالبا وزارة العمل بتحديد حد أدني للرواتب الخاصة بهذه العمالة والبعد عن الاستعباد كما وصفه، وعمل إحصائية مع جميع الوزارات وإنشاء لجنة تخطيط متخصصة لترتيب الوظائف المطروحة والمطلوبة شاملة المهنة والتخصص للذكور والإناث والتي تحتاجها سوق العمل للمساعدة في حل مشكلات البطالة.