لا يبدو المشهد السياسي في العراق بعد نحو ثمانية أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية مرشحا لإعلان تشكيل الحكومة الجديدة قبيل نهاية العام الجاري، بسبب المواقف المتشددة من قبل القوائم الأربعة الفائزة بالانتخابات للاستحواذ على منصب رئيس الحكومة، أو ضمان مكتسبات جديدة في الحكومة المقبلة.

تقول سمر البغدادي (41 عاما) معلمة، إن "فشل القادة السياسيين في التفاهم فيما بينهم لاقتسام كعكة الحكومة يؤكد بجلاء أن موجات العنف التي شهدها العراق بعد الاحتلال الأمريكي، والتي حصدت أكثر من مليون إنسان بين قتيل وجريح يقف وراءها هؤلاء السياسيون لأنهم لا يقدرون حجم المخاطر التي تحيق بالبلد ويتصرفون وكأنهم يعيشون في بلد آمن". وأضافت "هؤلاء السياسيون لا يعون مخاطر تأخر تشكيل الحكومة ولا يفهمون معنى إبعاد مكون سياسي وسيطرة آخر بالقوة من أجل الاستحواذ على السلطة متناسين أن اللعبة السياسية الحالية في البلاد الأساس فيها رأي الشارع العراقي وليس حواراتهم وطموحاتهم السياسية والفئوية الضيقة".

ولا تزال الكتل السياسية الكبرى التي حصدت غالبية مقاعد البرلمان العراقية 91 مقعدا، ودولة القانون 89، والائتلاف الوطني 70، وتحالف القوى الكردستانية 57 في حواراتها ومفاوضاتها تراوح في مكانها لصعوبة تحقيق 163 صوتا داخل البرلمان العراقي لمنح الثقة إلى مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة بسبب ارتفاع سقف المطالب وسعي الجميع للحصول على أكبر قدر من المناصب من كعكة الحكومة الجديدة.

وأعطت مكونات التحالف الوطني التي تضم غالبية القوى والأحزاب الشيعية الضوء الأخضر لرئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي ليكون مرشحا لرئاسة الحكومة المقبلة، لكن هذه الموافقة اصطدمت برفض المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، أبرز مكونات التحالف الوطني، وحزب الفضيلة الإسلامية على ترشيح المالكي تحت ذريعة "عدم توفر فرص النجاح للحكومة المقبلة" ما لم تتحقق المشاركة الحقيقية للقوى السياسية التي ستشارك في الحكومة.

يقول سليم الجبوري، موظف حكومي "أزمة تشكيل الحكومة تقف خلفها أطراف بارزة في الحكومة تعمل على جر البلاد إلى أزمات خطيرة". ومن جانبه يرى حمزة جاسم (35 عاما)، صاحب محل تجاري إن "التخبط الكبير في مسار الحوارات بين الكتل السياسية ناتج من حالة عدم الثقة بين أطراف العملية السياسية وعدم الاستناد إلى الدستور العراقي الذي وافق عليه غالبية شعب العراق".

ولا يبدو الوقت المتبقي من العام الحالي كافيا لإنجاز عملية تشكيل الحكومة، لأن الأزمة لا تزال في قمتها والانقسامات والمخاوف ما زالت هي الأخرى سمة المرحلة.