من سابع المستحيلات، أن تختفي ظاهرة الحفر والردم في شوارع المدن وطرقها خاصة في إجازة الصيف، لأن ذلك موال يتكرر كل عام يثبت للجميع - مقيمين وزوار - حقيقة شاهدوا فنحن نعمل طوال أيام العام في خدمتكم، وأن كامل الميزانية المخصصة لبلديات وأمانات المناطق قد صرفت كاملة دون إسراف ولا تبذير، فهذه خدمة وطنية وأمانة عظيمة يجب أن تصرف فيما خصصت له فقط إبراء للذمم. تعمل معدات كشط الإسفلت بكامل نشاطها، وتشارك معدات رصف الإسفلت الجديد بكامل قدرتها وجودتها فيفرح الجميع على السير بمركباتهم وتتعالى ضحكات الأطفال ونظراتهم فيتحمس الأب ويزمر بمنبه مركبته، وتتذكر الأم أنها نسيت بعض أغراضها بمنزل أسرتها، فيلتف الزوج ويعود لأخذها والكل سعيدا مبتهج والسرور باد على وجوههم، والابتسامة تقطع عروق خدودهم، ويلاحظ الجميع نعمة الطرق الممهدة والمرصوفة بعناية وإتقان دون حفريات وعائية ولا مطبات فجائية، ويعود متجها نحو منزله ويتمايل الأب بمركبته لإضحاك عائلته، وينشغل بتجاذب أطراف الحديث مع زوجته ووضع خطط أولية لبعض مشاريعه المستقبلية ولا يعير الطريق المرصوف حديثا اهتماما فقد حفظه عن ظهر قلب، وتتعالى صرخات أسرته انتبه أمامك عمال في الطريق فتخونه سرعة البديهة ويرتطم بحفرية جديدة ويتوقف لاستكشاف الأمر فيلاحظ انكسار عمود توازن مركبته ويتجه للعمالة الحديثة ويسأل عن سبب حفر هذه الحفرية بالشارع والطريق المسفلت هذا اليوم فيجيبه كل العمال بصوت واحد نحن نتبع لشركة الاتصالات ونمدد كيبلا جديدا للجيل الثالث والإنترنت حتى لا يفصل أو ينقطع اتصالك بالإنترنت أو يحصل له تشويش، فيستنجد هذا الأب بأقاربه وأصحابه ويحمل مركبته على سطحة ويتجه بها لأقرب ورشة ويلوم نفسه وانشغالها بعائلته وعدم تفاديه لهذه الحفرية الجديدة.
موال يتكرر في شوارعنا كل لحظة وثانية خاصة في إجازاتنا وعطلاتنا فلا نستمتع بها أبدا، وتنقلب الفرحة هم وغم وكدر وضيقة نفس فنسير بهذه الشوارع كالسلاحف نتوقف تارة وتارة أخرى نزحف زحفا، ونتسلق المطبات تسلقا، وتهدر أوقاتنا هدرا فيبكي الأطفال، وتتذمر النساء، ويخرس الرجال ولا إجابة تذكر حفر فردم ورصف فهدم وشق خنادق كل يوم تحويلات فمطبات انتظارات فوق الجسور، وصرخات تحت الكباري ومعدات تسقط الركام في الطريق. كل عام، وكل سنة تتكرر نفس الأحداث مناقشات في الأمانات والبلديات ومطالبات بتوضيح الأسباب، فيذكر المسؤولون أنها بسبب تأخر صرف ميزانيات المشاريع واعتماد الوزارة، ومخصصاتها هل يعتقد مسؤولو الأمانات والبلديات أننا شعب أطرش لا يسمع ولا يشاهد ولا يلاحظ ولا يفهم شيئا.