متأكدة تماما أن كثيرا من السعوديين لا يعرفون "منطقة العُلا" كما يعرفون "أبها" و"الطائف" و"الباحة" و"جُدة" وغيرها من المناطق التي تنشط فيها السياحة الداخلية! وقد يعرفون أكثر البيت الشعري الشهير" ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة / بوادي القرى إني إذا لسعيد"، للشاعر العاشق جميل بثينة الذي اهتمت به مناهج وزارة التربية والتعليم "أدبا" ونسيته "جغرافية"! فوادي القرى هو العُلا؛ ولا أعلم إن كانت مناهج الجغرافيا والتاريخ تُعرف أبناءنا بـ"العُلا" كمنطقة آثار لآلاف السنين أبرزها آثار الأنباط في "مدائن صالح" أم لا؟! لكني متأكدة من تعزيز بعض المعلمين والمعلمات ممن لا يتوانون عن الاجتهاد "الفولاذي" حين يأتي شرح قصة نبي الله صالح بتحريم زيارة "مدائن صالح" أو التخويف منها كأرض عذاب وسخط دون العناء بالقراءة عنها! وما يهمني اليوم؛ هو إنصاف مدينة "العُلا"، فهي بمثابة نقطة استثمارية وطنية غاية في الأهمية؛ وقد نستغرب أن من يعرفها أكثر من السعوديين هم الأجانب من الأوروبيين والأميركان واليابانيين وحتى الهنود ممن يقيمون بيننا ويعملون في شركاتنا؛ إنهم يأتونها من الشرقية والرياض والغربية وكل مكان ليتمتعوا بحضارة الإنسان لآلاف السنين؛ وكم كنتُ فخورة وسعيدة حين كنتُ أتجول وهؤلاء الأجانب يتجولون حولي مبهورين بحضارة إنساننا وعظمة هذا الوطن.
ولكن "آخخخخ من لكن"؛ فكما يقولون "الحلو ما يكمل"؛ ولهذا أتوجه للأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الذي أعرف تماما مدى اهتمامه بالآثار وإدراكه لقيمة "ثقافة الحجر" في حياتنا وثروتنا الوطنية؛ هل يُعقل أن هذه المدينة المهمة تاريخيا وسياحيا لما فيها من آثار تمتد لآلاف السنين لا يوجد فيها إلا فندقان اثنان من درجة النجوم الثلاثة وربما أقل!؟ خاصة أن الأجانب لا ينقطعون عن زيارتها صيفا ولا شتاء! وهل يُعقل أن السياح الأجانب وهم من مقيمين ممن يسافرون في إجازاتهم الأسبوعية من شرق المملكة وغربها وشمالها ووسطها جوا لمطار الوجه ثم برا لما يزيد عن ثلاث ساعات ليصلوا "العلا"..يُفاجأ بعضهم أنه لا يستطيع زيارة "مدائن صالح"، لأنه مُطالب بتصريح قبل زيارته بثلاثة أيام؟! ما ذنب جهله بذلك؟! ألا يمكن الاكتفاء بأخذ معلومات إقامته وشركته عند بوابة "مدائن صالح"؟! ما ذنبه أن يرجع برا وجوا دون رؤية ما قطع لأجله هذا العناء في إجازة أسبوعية مع عائلته؟! ثم لماذا لا يوجد عند بوابة "مدائن صالح" مكتب مخصص يعمل فيه مرشدون سياحيون؟! كما أنه من غير المعقول ألا يوجد في مدائن صالح دورات مياه! فالمنطقة كبيرة وصحراوية؛ وزوارها من الصعب عليهم إذا احتاجوا دورات المياه أن يعودوا للفنادق التي تبعد 22 كيلومترا! ولا أظن أن قضاء الحاجة في أي مكان إلا انتكاسة للسياحة! ولهذا أتمنى فعلا إنشاء دورات مياه بشكل هندسي يتناسب مع المنطقة وتاريخها، وإلى حين بنائها لا ضير من وضع دورات مياه موقتة؟! أما الأمر الأخير، وأخصّ به "الخطوط السعودية " وهيئة الطيران المدني الموقرة، فهو لماذا إلى الآن "مطار العُلا" مغلق وقد تم بناؤه وخسارة الملايين عليه وما زال ينتظر الافتتاح والتشغيل؟! هل على أهل العلا وزوارها أن يتعبوا كل هذا التعب جوا ثم برا لأكثر من ثلاث ساعات ؟! ارحموا العلا وزوارها.