لا أظن أحدا من متابعي القنوات الإخبارية العربية والأجنبية الناطقة بالعربية هذه الأيام لا يعرف المحلل السوري "الجهبذ الضليع في السياسة الدولية وعلاقات الشعوب" د.طالب إبراهيم، الذي ظهر فجأة وكأنه نبت موسمي، منذ الأيام الأولى "للثورة السورية"، فلا أبالغ إن قلت إنه ظهر في بعض الأيام أكثر من 3 مرات على شاشات فضائية مختلفة بل ومتضادة التوجهات السياسية والأيديولوجية، وفي جميع الحالات يظهر مدافعا ومبررا لأي خطوة يقوم بها النظام السوري تجاه المتظاهرين، وهذا قد يكون طبيعيا لأستاذ في العلوم السياسية ملتصق بالنظام الحاكم أو سياسي سابق أو ممارس للعمل النقابي أو ما شابه ذلك. لكن المفاجأة العظمى التي لم أصدقها على الرغم من أنني كتبت سابقا وكتب غيري عن محللي الفضائيات فئة "أبو ريالين" سياسيا أو رياضيا. المفاجأة هي ما كشفه تقرير بثته قناة "العربية" في نشرة أخبار مساء أول من أمس، ونقله عنها موقع "العربية نت" عن حقيقة هذا المحلل وعدد آخر من زملائه، فقوة المعلومة الواردة في التقرير ومصداقيتها التي لا يستطيع لا طالب ولا غيره نفيها لاحقا، تكمن في أنها جاءت على ألسنة هؤلاء "المحللين" الذين توزعوا بين طب الأسنان والمجال الرياضي والمحاماة وكتابة الشعر. فطالب إبراهيم طبيب أسنان عرف "من أين تؤكل الكتف" وربما قرأ كتبا على غرار "كيف تستغل الفرصة؟" يقول بلسانه عن كيفية بزوغ نجمه "بعد شهر ونصف، انتبهت الدولة لوجودنا على الخارطة، ونحن عمّال نحكي وندافع". لكنه في الوقت نفسه يعترف أنه بحكم عمله في طب الأسنان يعرف كيف تُخلع الضروس في الحكومات الديكتاتورية عندما "تلطش في الكلام" حيث يقول "المضحك في الأمر أحياناً أننا حاولنا الاتصال بجهات معينة.. إنو يا جماعة على الأقل ساعدونا، قالوا لنا والله احكوا اللي بدكو إياه، بس إذا غلطوا نحاسبكم". فلأنه طبيب أسنان سيكون حسابه خلع الضرس "إذا غلط" وخرج عن نهج الحزب "المقدس". أما "الشهير" الآخر الذي قفز فوق ظهر الأحداث السياسية بمهارة ورشاقة بحكم أنه رياضي عتيق فهو "شريف شحادة" والذي تعرفه "العربية" بأنه (المحترف السابق في ملاعب كرة القدم ومدير نادي تشرين الرياضي، وهو اللاعب حالياً في ميادين التحليل السياسي على وسائل الإعلام، وأبرز الشخصيات في إدارة الأزمة السورية إعلامياً حالياً).

صعود مثل هذه الأسماء على الساحة السياسية، يؤكد أن سياسية خلع الأسنان وقطع الألسنة في الأنظمة العربية على مدى عقود، ستكون نتيجتها الحتمية بزوغ هذه النوعيات التي "تسترزق" من وراء الأزمات دون أي وعي أو علم بما تتحدث عنه وفيه، ولكنها كـ"أبواق" تقفز إلى المقاعد الأمامية بعد أن كانت في خانة الهامش.