تتضاعف بشكل مخيف أرقام الأطفال العرب الذين تنتزعهم مؤسسات اجتماعية إيطالية من أسرهم وذويهم تحت ضغط قوانين صارمة وظروف اقتصادية واجتماعية قاسية. فحسب تقارير عدد من الجمعيات الإيطالية التي تهتم بهذا النوع من الملفات فإن مدن الشمال الإيطالي تشهد تزايدا ملحوظا في نسبة الأطفال المنتزعين من أسر مهاجرة خصوصا العربية والمغربية منها. وتبقى الأرقام مرتفعة جدا بالمدن الكبرى مثل تورينو وميلانو وبولونيا التي تعرف تواجدا مكثفا لأبناء الجالية العربية . وقال مكرم عبد الجبار وهو رئيس جمعية " قافلة " بميلانو التي تعنى بمشاكل الأسر العربية وبملفات الأطفال العرب المنتزعين من آبائهم , إن الأرقام الدقيقة عن الأسر العربية بإيطاليا المحرومة من أطفالها غير متوفرة , لكنه أشار إلى أن العدد في تضاعف مستمر بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي تعيشها هذه الأسر. وأضاف : " الحالات تتعدد، فهناك أسر عربية انتزعت منها المؤسسات الاجتماعية أبناءها بسبب مشاكل وخلاف بين الأبوين وهناك أخرى لغياب سكن مناسب وعمل لدى رب الأسرة . لكن يبقى القاسم المشترك بين جميع هذه الحالات هو الجهل بالقانون الإيطالي المعقد من جهة وصرامة المسؤولين بالمؤسسات الاجتماعية الإيطالية الذين يغفلون الجانب الإنساني في الموضوع " . إحدى هذه الحالات التي أصبحت موضوع الصحف الإيطالية والجالية العربية بإيطاليا هي للمغربية أمينة غيات الحاصلة على الجنسية الإيطالية والتي حكمت عليها بعض المؤسسات الإيطالية العمومية بدخول مؤسسة إيطالية للأمراض النفسية قبل أيام . وبدأت مأساة أمينة منذ أن وطئت قدماها إيطاليا قبل ست سنوات لتتزوج من مواطن إيطالي عانت معه الأمرين، كما عانت طفلتاها اللتان أنجبتهما من مواطن مغربي من قسوة زوجها. وقد لجأت أمينة في بادئ الأمر إلى جمعيات حقوقية تهتم بالنساء ليحيلوا مشكلتها على مؤسسة عمومية تهتم بالقاصرين وبالنساء المعنفات , لكن بدلا من أن تنصفها المؤسسة وتجد لها حلا مع الزوج , طبقت في حقها قوانين إيطالية صارمة لتحرمها من الطفلتين بدعوى أنها غير قادرة على ضمان الحماية والحياة الكريمة لهما. وقد وجدت أمينة نفسها في متاهة قانونية وفي مشكلة أعظم من السابقة , فقد بات أمر حرمانها من طفلتيها إلى الأبد وشيكا. أحست الأم المغربية بالخطر فبدأت تطرق الأبواب، صالت وجالت بإيطاليا لتطلب النجدة من عدد من الجمعيات، لكن الأبواب كانت موصدة قبل أن تلتجئ إلى مؤسسات حقوقية إيطالية وأوروبية دون جدوى . وأمام هذا الوضع خرجت المغربية أمينة عن صوابها لتقوم بتهديد موظفات إيطاليات بمؤسسة اجتماعية بمدينة ريدجو إيمليا، فيزج بها في أحد سجون إيميليا رومانيا الإيطالية بتهمة الإرهاب والتهديد بالقتل وتجد نفسها وحيدة في زنزانة، بعيدة عن طفلتيها اللتين أصبحتا تحت كفالة أسرتين إيطاليتين عقيمتين. ورغم أن الاتهامات التي كتبتها المساعدة الاجتماعية في تقرير وسلمته إلى المحكمة الإيطالية تنقصها الدلائل والحجج الدامغة فإن المحكمة كانت أقسى من الظروف التي تعاني منها الأم المغربية لتصدر قرارا بحرمانها من الطفلتين وجعلها بالتالي أشبه بالمجنونة. أما اليوم وبعد نقلها من السجن إلى إحدى المصحات المتخصصة في الأمراض النفسية فقد أصبحت أمينة مجنونة رسميا وأمر حصولها على ابنتيها أشبه بالمستحيل .