أسعدتني الطلة الجميلة والرائعة الأخيرة (إعلامياً) لأحد ركائز حركتنا الرياضية السعودية الحديثة، وعلم من أعلام الفن والشعر والإبداع في الوطن العربي, وأعني به الرمز الرياضي الأمير محمد العبدالله الفيصل, الذي كنا نترقب ما يصدر عنه من آراء ظلت على الدوام تحمل فكراً ونضجاً ونظرة استشرافية بعيدة المدى, وهو ما افتقدناه بغيابه وقراره بفك ارتباطه (الاختياري) بالرياضة كمسؤولية وتواصل ودعم, في واحدة من مآسي وسطنا الرياضي, فأن يبتعد رجل بقيمة ومكانة وألق وإبداع محمد العبدالله لعمري إنه بمثابة الكارثة.

عرفنا عن سموه وهو في الوسط قلة تعاطيه مع الإعلام الرياضي بوسائله المختلفة, فلا يداخل أو يشارك إلا ولديه رسالة قيمة ومفيدة وأفكار وتصورات متقدمة النظرة والتحليل يريد أن يرسلها للوسط الرياضي عامة والأهلاوي خاصة, ومن هذه الاستراتيجية الإعلامية المتميزة لدى سموه اكتسب احترام وتقدير جميع منسوبي الوسط الإعلامي الرياضي السعودي, وزاد من لهفة هذا الإعلام لأي تواصل معه، وعندما خرج أصبح هذا الوسط الرياضي (يتيماً) و(متيماً) لمداخلاته وحضوره الإعلامي.

وعرفنا عن سموه كذلك بعيداً عن الرياضة أنه مبدع ومبتكر الكلمة الشعرية المغناة التي تصل إلى شغاف القلوب, وتشجي الأسماع, وتذيب المعاناة والأرق والأحزان لمجرد الاستماع إلى مجموعات سموه الشعرية الكثيرة إن كان بصوته أو بصوت الفنانين الكبار.

وعرفنا أخيراً عن سموه إنه (برشلوني) ويعشق هذا الفريق ويستمتع بأداء لاعبيه وفنونهم التي سحرت عشاق المجنونة في أرجاء المعمورة, وما إن سمعت هذه المعلومة الجديدة علي حتى تذكرت الصلة بين إبداعين, إبداع شعر وفن محمد العبدالله, وإبداع كوكبة برشلونة المذهلة بقيادة ليونيل ميسي وتشابي هيرنانديز وانييستا وبيدرو وكارليس بوجول وجيرارد بيكيه وبويان.

وأنا أستعرض قائمة الإبداع للأمير محمد العبدالله الطويلة أتذكر ما يقابلها من إبداع لدى البارسا, وأنا استمع لـ(مقادير) أتذكر رحيل لابورتا, وأنا استمع لـ(باختصار) أقول لكل من يقلل من مكانة نجوم البلوغرانا, وعندما أتذوق (القمر طالع) لا يغيب عني المعجزة ليونيل ميسي بفنونه ومهاراته الخارقة, وحينما نتلذذ بكلمات (وأنت تستاهل) نوجهها كأنصار البارسا لكل نجوم القلعة الكاتالونية, وما أجمل سماع (تكفيني انت) وأنت تشاهد وتستمتع وتنبهر بأطروحات مبدعي فرقة بيب غارديولا, وأتذكر القصيدة الخالدة (ما بقى غير الصور) وأتابع انكسارات وتراجع أداء ومحصلة تييري هنري مع البارسا هذا الموسم, وأردد مع ملايين العشاق في العالم (لا توحشونا) ونحن نشاهد نهائي أوروبا من دون حضور أفضل فريق كروي عالمي بشهادة محللي ومدربي العالم على أمل أن نشاهدهم الموسم المقبل بالنهائي, ولا ننسى الرائعة (مر الزمان) التي تتناسب مع مسيرة البارسا ومواكب النجوم المتعاقبة على الفريق الأفضل عالمياً على مر التاريخ, ولا ننسى كذلك رائعة محمد العبدالله (يا ويلك من الله) التي نوجهها لكل من يسعى إلى التهميش أو التقليل من عطاءات وإبداعات نجوم البارسا الموسم المنصرم على الرغم من خسارتهم لقب دوري أبطال أرووبا وكأس ملك إسبانيا اللتين خسرهما بفارق هدف فقط في حالة نادرة الحدوث. إنه تلاق جميل ومبهر، وبديع ذلك الالتقاء الذي يجمع إبداعات محمد العبدالله الفيصل بإبداع وسحر برشلونة ونجومها المذهلين بأدائهم الفردي والجماعي في صور سيمفونيات ميسي وتشابي وانييستا وبيدرو وبقية الكوكبة على أرض الملاعب الإسبانية والأوروبية والعالمية.