انتهى وكيل كلية الدعوة للدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، أستاذ كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور غازي بن غزاي المطيري في محاضرته التي ألقاها بصالون الدكتور سليمان الرحيلي الثقافي الأحد المنصرم تحت عنوان "المناسبات الوطنية من منظور تأصيلي"، إلى ضرورة صياغة نظرية فقهية تأصيلية لـ"الوطنية"، بما في ذلك الميثاق الوطني، وأن يتعاون على ذلك المتخصصون بجميع الفنون.
وقال في محاضرته التي أثارت مداخلات واسعة: إن من دواعي حديثي عن هذا الموضوع ضعف الحس الوطني لدى الناشئة وضبابية الرؤية لدى بعض التيارات المنتسبة للإسلام حول "الوطنية"، مؤكدا أن العلة وراء ذلك أن الدعوة للوطنية كانت مرتبطة بالدعوة للقومية، وقد تولاها الكثير ممن دعوا إلى اتباع الثقافة الغربية، مشيرا إلى حاجة البلد إلى أن تكون الوطنية سداً أمام التأثير الفكري أمام الناشئة، حيث يمكن أن تكون الوطنية قاسماً مشتركاً بين جميع الفئات.
وكان أستاذ كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد نبه إلى خطورة بعض القيم القبلية والعشائرية التي باتت فوق الوحدة الوطنية، مشيرا إلى أهمية أن يسود لدينا ما يسمى بـ"خلاف التنوع" وهو خلاف يقره الفقهاء وأهل الفكر ويعين على تلاقح الأفكار، حيث إن الإسلام لم يأت بمعارضة الوطنية، إنما الأنظمة الشمولية هي التي عارضت، والإسلام هذبها ووجها بالخير والألفة بين المسلمين والعرب. وأشار المطيري إلى خصوصية المملكة، موضحاً أنها ليست كأي بلد، بل هي مهوى أفئدة المسلمين، والنظام السياسي فيها هو نظام إسلامي، وينبغى لكل مسلم أن يتقرب إلى الله بمحبة هذا البلد وأهله.
وفي رده على المداخلات التي أثارتها ورقته قال المطيري إن علينا أن نقفز من مرحلة الصراع ما بين علماني وإسلامي وليبرالي وأن نجتمع على القواسم المشتركة بيننا كالعدالة وغيرها، متسائلا: لماذا لا نجتمع كما اجتمعت أوروبا الآن على الرغم مما بينهم من عنصريات وفلسفات، خصوصا أن الإسلام يملك البراهين والتراث، وهناك حقيقة ما يسمى بـ"الدولة الحديثة".
وذهب المطيري إلى أن هناك هاجس خوف لم تتضح صورته تجاه مسألة الوطنية، مضيفا في رده على مداخلة رئيس قسم الفقه بالجامعة الإسلامية الدكتور عبدالله الشريف الذي قال إن قضية الوطنية هي استحقاق قانوني: إن الشريف يعد (فقيهاً)، وقد توجب عليه أن يدرس الوطنية من جميع جوانبها، مؤكداً ضرورة أن "نجتمع على خلاف التنوع" - حسب تعبيره.
وحظيت مداخلة الكاتب عبدالله الجميلي حول إشكالية "أننا دائما ما نستدعي رجال الدين في الزمن الذي نحتاج إليه كما حدث في قضية الاختلاط والبنوك الربوية" بردود واسعة مما دفع عريف المحاضرة الدكتور سليمان الرحيلي لأن يرد بأن مصطلح (رجال الدين) هو "مصطلح كنسي وظهر بالمجامع الكنسية ومن ثم لا يمكن تطبيقه بالنسبة للإسلام والمسلمين" حسب قوله.
وكان نائب رئيس مركز بحوث ودراسات المدينة الدكتور عبدالباسط بدر قد ذهب إلى أن التأصيل للوطنية بحب مكة والمدينة يجعلها محدودة.