تتساهل بعض الأسر مع السائق الخاص بالعائلة، فيحل مكان الأب بالتعامل مع الأبناء خاصة الفتيات الصغيرات، حيث يقوم بتوصيلهن إلى مشاويرهن الخاصة ومنها المدارس، ويقوم بشراء الحلوى لهن، ويصل الأمرإلى أن يحمل حقيبة المدرسة، ويوصلها إلى باب المدرسة.

وحذر اختصاصيون من التساهل في ذلك، مما قد يدفع الطفل أو الطفلة إلى التعلق وجدانيا بالسائق خصوصا من قبل الفتيات.

وبحسب جولة "الوطن" على عدد من مدارس البنين والبنات خصوصا المرحلة الابتدائية، لوحظ أن كثيرا من السائقين يمثل دور الأب حيث تجده يفتح باب المركبة للطالب، ويحمل الحقيبة عنه، ويصل الأمرإلى أن يمسك السائق يد الطالبة بالمرحلة الابتدائية لمساعدتها لعبور الشارع، وتجد كذلك بعض الطلاب يفتح نوافذ المركبة، وهي متحركة ويخرج بعضهم نصف جسده دون متابعة من قبل السائق.

مدير مدرسة عبدالله بن حنظله بالمدينة المنورة فهد علي القليطي قال إنه "من المؤسف أن بعض الآباء يعتمد على السائقين اعتمادا كليا، كلنا لدينا مشاغل ولدينا ظروف، إلا أنه يجب على رب الأسرة أن يمارس دورالأب بمعنى الكلمة".

ويروي القليطي قصصا تحدث بالمدرسة بصفة يومية، فبعض السواقين يحضر إلى المدرسة، ويطلب أن يصطحب ابن كفيلة الساعة التاسعة صباحا ، معتذرا أنه لن يستطيع الحضور عند الانصراف، إلا أننا نرفض ذلك بشدة، حيث إن النظام واضح، وينص على ألا يمسح بخروج الطالب من المدرسة سوى بعذر ومن قبل والده فقط".

ويشير القليطي إلى الإهمال المستمر من قبل الوالدين في متابعة تحصيلهم العلمي، حيث إن عاملة إندونسية اتصلت على هاتف المدرسة تسأل عن طالب وتحصيله العلمي ، وقالت إنه ذهب للمدرسة اليوم وهو مريض، ويجب أن نتابعه، وقد وصل الأمر- بحسب القليطي إلى أن يحضر السائق لاستلام نتائج الامتحان، وكأنه ولي أمر الطالب الحقيقي.

ونصح القليطي الآباء والأمهات "بمراعاة الله عز وجل في الأبناء، وعدم الاعتماد على السائقين والخدم، لما لذلك من آثار مؤسفة مستقبلا، ربما تصل –لا سمح الله- إلى تحرش السائق جنسيا بالطالب، وغيرذلك، وبعدها لا ينفع الندم من الوالدين بعد وقوع المشكلة".

يقول سعد العوفى وهو معلم بالمرحلة الابتدائية إنه شاهد يوما بعض المواقف التي تدور حول بعض السائقين، حيث تجد بعضهم يدخنون داخل المركبة وبجانبه الطالب، دون الاكتراث بحجم الأضرار التي يجنيها ذلك الطالب، والعادة التي ربما يمارسها مستقبلا بسبب مشاهدته اليومية لذلك السلوك، مشيرا إلى أنه اتصل على والد الطالب، ونقل له تلك الملاحظة، والتي لم يلق والد الطالب لها أي اهتمام.

وتقول أم ثابت إن زوجها سافر برحلة عمل لمدة شهر، وجلبت سائقا مؤقتا، وخلال هذا الشهر تعرضت إلى مواقف عديدة، من بينها أن السائق كان يختلس بعض المال عندما يتم إرساله إلى المتجر لجلب بعض الأغراض لشراء بطاقات شحن له.

وأشارت أم ثابت "عندما نركب معه يتحدث دون توقف، ويقصص عليك قصصا هو بطلها في دولته، ورغم أننا نطلب منه السكوت، لكن بدون جدوى، ويردد أنه أفضل السائقين ويذم الآخرين من بني جلدته".

وقال موظف رفض ذكر اسمه ويعمل بأحد فنادق المدينة، إن بعض الطالبات يحضرن إلى الفندق برفقة السائق الخاص لهن خلسة عن ذويهن، ويفطرن بالمطعم برفقة صديقاتهن، ويتلقى السائق إفطارا مجانيا مقابل السكوت عن ذلك، موضحا أن ذلك السلوك يحدث بكثرة.

وأضاف أنه شاهد يوما سائقا يحاول التخفي عن الأنظار، والارتباك والخوف يسيطران عليه، ليكتشف أن كفيله ووالد الطالبة التي يقوم بتوصيلها حضر إلى الفندق صدفة لحجز غرف لضيوف له، وأنه لا يعلم بوجود ابنته بمطعم الفندق مع صديقاتها بالجامعة.

وحذرت الاختصاصيه بمستشفى الصحة النفسية بالمدينة المنورة فاطمة حسين الخرمى من "تساهل الأسر مع الخدم والسائقين خاصة لما لذلك من مخاطر، فبعض السائقين يستغلون ثقة رب الأسرة، ثم يحاولون الدخول في أعماق الأسرة وتبدأ بعدها مرحلة الابتزاز، والتي عادة ما تذهب ضحيتها الفتاة والشاب على حد سواء".

وبينت الخرمي أن "بعض أولياء الأمور يسلم السائق زمام كل شيء، وتسجل ذاكرة الصغار عطفا على ما يرون وما يقدمه السائق من خدمات لهم، أن ذلك السائق هو من يهتم بهم، ويلبى احتياجاتهم، وهنا مكمن الخطر، حيث يتوقع الطفل والفتاه أن السائق هو المسؤول عنهما، وأن جميع تصرفاته هي تصرفات صحيحة".