على الرغم من صدور كتاب "الفاجومي" ـ الذي يشكل السيرة الذاتية الكاملة للشاعر أحمد فؤاد نجم ـ قبل ثورة 25 يناير 2011 في مصر بسنوات، إلا أن فيلم "الفاجومي" المأخوذ عن الكتاب ويعرض حاليا، يُعرّج في خاتمته على بعض أحداث تلك الثورة من غير مبرر مقنع للخروج عما في الكتاب الأصلي الذي مازال صاحبه يصول ويجول في الفضائيات متحدثا عن تاريخه وسيرته التي لم تعد خافية على أحد، ولا يلزمه فيلما لنشرها. وبما أن الفيلم صار أمرا واقعا بعد أن أُنتج وأُخرج وعُرض، فالأرجح أن إضافة جزئية الثورة عليه لم تكن سوى لاستقطاب جيل ميدان التحرير وسحبه إلى شباك التذاكر.
في حالة أخرى، هناك من يسعى لإنجاز مسلسل جديد عن عمر المختار يهديه لثوار ليبيا، وكأن الفيلم الهوليوودي الذي أنجزه الراحل مصطفى العقاد لم يؤرخ للمختار ويجعل من سيرته حكاية عالمية جسّد فيها أنطوني كوين دور البطل الليبي باقتدار.
ليس أمراً سلبيا تناول الثورات في الأعمال الفنية، ولكن السلبي هو التهافت على ذلك بصورة غير منطقية.. فكثير هو عدد الذين باشروا العمل على مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي يتحدث عن ثورات مصر وتونس وليبيا.. ما يشير إلى أن المشاهدين سيجدون أنفسهم أمام تكرار في تلك الأعمال، فالأحداث الهامة والمفصلية في كل ثورة من الثورات لا يمكن تجاهلها، وهي ستكون موجودة هذا العام في مسلسلات "إيد وحدة" و"لحظة ميلاد" و"عواصف الحب" و"صفحات من دفتر الأمل" وغيرها...
إلى ذلك، لم تصل الثورات بالشعوب إلى بر الأمان بعد. والإطاحة بأي نظام يبقى نجاحا منقوصا إن لم يحقق النظام الجديد وإنجازاته طموحات الشعوب. وهذا ما لم يحدث لغاية اليوم، فالتجاذبات السياسية واضحة، ومعظم المطالب لم تنجز، وعدد الأشخاص الذين يسعون لقطف ثمار الثورات كبير.
باختصار، أي عمل يريد توثيق الثورات حاليا سينتهي عند سقوط الأنظمة، وإن أراد أصحابه تناول المرحلة التي تلي ذلك، فالمسألة ستكون مرتجلة لأن التتمة ما زالت غامضة.