متخصصون وتربويون: برنامج الحماية يزرع ثقافة الشك والتوعية الأسرية الأهم


إخراج البطاقة الحمراء لن يقتصر على حكام مباريات كرة القدم لطرد اللاعبين المخالفين من المباراة.. هذه المرة سوف يمتد لطالبات المدارس الابتدائية ليرفعنها في وجه "المتحرشات" بهن وعليها كلمة "لا".. المشهد من مسرحية سوف تشرف عليها المعلمات في الفصول تتقمص خلاله إحدى الطالبات دور المتحرش أو المتحرشة بينما تقوم أخرى بدور الضحية، وعندما تحاول الأولى التحرش بالثانية ولمس بعض أجزاء جسدها، ترفع البطاقة الحمراء في وجهها وتهرب إلى معلمتها، ثم يتم تبادل الأدوار بحيث تكون المتحرشة ضحية والعكس.

آلية تطبيق برنامج الحماية الشخصية الذي أقرت وزارة التربية والتعليم تطبيقه في جميع مدارس البنات الابتدائية، أثار انتقاد عدد من التربويين والنفسيين الذين أكدوا أن تطبيقه سيكون له انعكاسات سلبية وخاصة على طالبات المرحلة الابتدائية.

جلسات إرشادية

وكانت وزارة التربية والتعليم قد طرحت محاور لتطبيق برنامج أعدته المشرفة التربوية بالوزارة هدى بنت محمد المقرن، يشتمل على جلسات إرشادية تنفذ في حصص النشاط لتوعية الطالبات بكيفية الحماية الشخصية من التحرش الجنسي وتعريفهن بالمناطق الحساسة في أجسادهن التي يجب ألا تمتد إليها أيدي العابثين.

ولم يؤخذ بعين الاعتبار في إعداد آلية تنفيذ البرنامج المرحلة العمرية للطالبات المستهدفات ولا الآثار العكسية التي قد تترتب على طرح البرنامج بهذه الآلية، وخاصة أن عرض البرنامج يتضمن شرحا لجسم الإنسان وتحديد الأعضاء التناسلية والأجزاء الحساسة في جسد الفتاة لكي تحافظ عليها كونها ملكا خاصا لها لا يحق لأحد الاطلاع عليه أو لمسه سوى والدتها أو شقيقتها الكبرى أثناء عملية النظافة أو الأطباء وبحضور الأم أو الأخت الكبرى.

وامتد الجدل حول المشهد المسرحي الذي ينفذ ضمن آلية البرنامج، حيث أكد تربويون أن هذا المشهد يرسخ ثقافة التحرش لدى الطالبات اللاتي لا يدركن الموقف وخاصة أنهن سيتفاعلن مع مشهد تمثيلي أشبه بما يشاهدنه في المسلسلات التلفزيونية وسيكررن تبادل الأدوار حتى بعد مغادرة معلمتهن.

معالجة هادئة

وعن آلية البرنامج يقول المستشار القضائي الخاص عضو الجمعية النفسية بدول الخليج العربي والشرق الأوسط الشيخ صالح بن سعد اللحيدان، إن التحرش من الأمور التي يجب أن تعالج معالجة هادئة، أما من ناحية ما يتعلق بما طرحته الأخت المشرفة المركزية بوزارة التربية والتعليم من آلية لبرنامج الحماية الشخصية فله من السلبيات ما يجعلني أطالب بعرضه على متخصصين لدراسته ومن ثم تطبيقه على عينة من المدارس وتقييمه ورصد السلبيات والإيجابيات، بعدها يتم تعميمه مع استبعاد بعض المحاور التي سيكون لها نتائج عكسية.

وبين اللحيدان أن من سلبيات الآلية تعميم البرنامج على طالبات المرحلة الابتدائية وخاصة الصفوف الأولية، مشيرا إلى أنهن في هذه السن يمررن بمرحلة الطفولة المتأخرة، وقد يؤدي مثل هذا البرنامج الذي يعتمد على توعيتهم في أمور حساسة عن طريق الإشارات والحركات إلى آثار عكسية فيما بعد.

وأضاف اللحيدان "أما الصفوف العليا من الرابع إلى السادس فأرى ألا يكون تطبيق البرنامج عبر الإشارات والحركات، بل كلام عام توعوي يتضمن إيراد بعض النصوص التي وردت في "الكتب الستة"، عن لمس المحرم لغير المحرم، ولمس المحرم لمحرمه غير الزوج.

وبين أن التوعية بهذه الآلية قد تثير جدلا في المنازل، فمن سلبياته أيضا المبالغة من قبل بعض الفتيات وتفسير كل تقرب منهن سواء من والديهن أو أعمامهن المسنين تفسيرا خاطئا، وخاصة أن كبار السن يمازحون الأطفال، وقد تكون الأم مطلقة وتسقط هذه الصورة على زوجها والد الطفلة انتقاما منه، فالأم المطلقة تثير ابنتها وتعكس الصورة بحيث تفهم تلك الطفلة خطأ وتصبح ضد والدها، وهذه الأمور قد تثير بعض الإشكالات.

وأشار إلى أن البرنامج بهذه الآلية يزرع ثقافة الشك بين أفراد الأسرة، ويشوب العلاقة بين الأب وابنته أو الأخ وشقيقته وخاصة أن الفتيات من سن السابعة وحتى الرابعة عشرة يتعاملن بالعاطفة لا بالعقل.

ليست ظاهرة

وبين اللحيدان أن معدة البرنامج ربما لاحظت بعض الأمور في الميدان، إلا أنها لا تعتبر ظاهرة، والبرنامج له إيجابيات فهو يعطي حصانة للفتيات ويدفعهن إلى الالتزام الأخلاقي والحذر وزرع الثقة في النفس.

وقال "لتكتمل الصورة المثالية للبرنامج أطالب وزير التربية والتعليم بتشكيل لجنة لدراسته وأرحب بالتعاون معهم ووضع بعض اللمسات بحكم تخصصي".

ظاهرة مقلقة

من جانبها قالت التربوية زبيدة الردهان – مديرة مدرسة متقاعدة - إن قضية التحرش بالأطفال ظاهرة مقلقة حتى من الأقارب، حيث اطلعت على عدة حالات خلال عملها في الميدان التربوي.

وأضافت الردهان، أن توعية الطالبات فكرة جميلة ولكن يبقى الأهم وهو توعية الأسرة، فالأسرة هي الأساس في غرس ثقافة الحماية الشخصية لدى الأطفال وعدم الانصياع للمغريات.

نقص التوعية

مشرف تخطيط البرامج بإدارة التوجيه والإرشاد الشريف محمد الحازمي، قال البرنامج كفكرة مطلوب في ظل ما يعصف بالميدان التربوي من حالات للتحرش والإعجاب بين الفتيات، فضلا عن سوء التوعية من المنزل، وفي تصوري أن وزارة التربية والتعليم لن تضع أي برنامج في الميدان ما لم يمر بالتجريب والتحليل والدراسة والاستقصاء، ثم تطبقه تجريبيا عبر عدة مستويات ومن ثم تعميمه في المستقبل، فالبرنامج إذا كان هدفه تبصير الطالبات وزيادة وعيهن بالمخاطر الناتجة عن التحرش فسوف يؤتي ثماره بشكل جيد جدا.

وبين الحازمي أن تلك الحالات ليست ظاهرة بحكم المجتمع المحافظ وما يحدث حالات فردية، وبرامج الإرشاد وقائية لمعالجة تلك الحالات.

يذكر أن عددا من الإدارات التعليمة تفاعلت مع آلية البرنامج، وحصلت "الوطن" على تعميم أصدره مدير عام التربية والتعليم للبنات في محافظة الطائف سالم بن هلال الزهراني وجه فيه جميع المدارس بالتقيد لتنفيذ البرنامج اعتبارا من يوم السبت المقبل ولمدة أسبوعين، ضمن برامج التوجيه والإرشاد في حصص الريادة.

وتعرض "الوطن" أهم النقاط التي تضمنها برنامج "الحماية الشخصية لطالبات المرحلة الابتدائية " على النحو التالي:

الأهداف العامة

- توعية طالبة المرحلة الابتدائية بأنواع الأذى الجسدي الذي يمكن أن تتعرض له في داخل أسرتها وخارجها.

- تبصير طالبة المرحلة الابتدائية بكيفية حماية نفسها من الأذى الذي قد تتعرض له.

الأهداف التفصيلية

تعريف الطالبة بأعضاء جسمها المختلفة.

- التدبر في إبداع الخالق في جسم الإنسان.

- تمكين الطالبة من التمييز بين الأعضاء التي يسمح لـنا ديننـا الإسـلامي بكشـفها والأعضاء التي أمرنا بسترها.

- تبصير الطالبة بأن هناك أعضاء في جسمها لا يحق لأحد أن يراها أو يلمسها.

- تعزيز القيم الإسلامية مثل: الحياء, النظافة, العفة.

- توعية الطالبة بعدم الاستجابة لإغراءات الآخرين من (هدايا, حلوى, نقود).

- تدريب الطالبة على التصرف السليم عند تعرضها للمس مؤذٍ.

- تعويد الطالبة على التعبير عن مشاعرها دون خوف.

- تعزيز علاقة الطالبة بوالدتها أو من يقوم مقامها.

الفئة المنفذة

رائدات الفصول بالتعاون مع مرشدة الطالبات و الهيئة الإدارية.

الفئة المستهدفة

طالبات المرحلة الابتدائية من "الصف الرابع إلى الصف السادس".

الجلسة الأولى

حوار مع الطالبات يبدأ بأن تعرض رائدة الفصل صورة مكبرة لهيكل جسم الإنسان مثبتة على حامل أو على السبورة , ثم تطلب منهن – عن طريق توجيه الأسئلة – ذكر بعض الأعضاء المهمة في الجسم ووظيفتها بشكل سريع مستخدمة المؤشر مثل: ( العينان للنظر, الفم لتناول الطعام ) مع الإشارة إلى أن هذه الأعضاء قد تستخدم في التعبير عن المشاعر، مثل الفرح و الحزن والألم وغيرها من المشاعر والتعجب والحب.... وهكذا حركات اليد الإشارة.

- تحاول المعلمة أن تربط الإجابات بالموضوع الذي سوف تتحدث عنه وهو الحماية الشخصية من أذى الآخرين ؛ الهروب بالأرجل, والدفاع عن النفس باليدين واللسان.

- ينبغي ألا تنسى المعلمة أن تذكر الطالبات خلال المناقشة بنعم الله على خلقه في جعلهم بأحسن صورة.

- بعد عرض اللوحة وبيان فوائد الأعضاء بصورة سريعة, نركز على الأعضاء الخاصة لأنها محور الحديث ونبين قيمتها وأهميتها, وأنها ملك للطالبة وحدها فقط , وأن الله قد استأمنها عليها فيجب أن تحافظ عليها من كل ما يضرها , فهي عورة أمرنا ديننا بنظافتها وسترها ونحافظ عليها ومن أسس المحافظة ما يلي:

- ألا يراها أحد إلا لضرورة صحية أو طبية:

صحية مثل: النظافة عندما أريد الاستحمام فأسمح لأمي أو أختي الكبرى أن تساعدني.

طبية مثل: عند زيارة الطبيبة مع أمي و أبي للكشف علي عند مرضي أو تعبي

- العناية بنظافتها وطهارتها.

لإدارة النقاش ولتوضيح المعلومة وتثبيتها يمكن طرح الأسئلة الآتية:

س1 :إذا أردت تبديل ملابسك فأين تذهبين؟

س2 :إذا احتجت لمساعدة عند تبديل ملابسك فممن تطلبينها؟

س3 :لماذا نغلق باب دورة المياه إذا أردت الاستحمام أو غيره؟

س4 :بما أمرنا الله بشأن هذه الأعضاء؟

على المعلمة أن تشجع كل الإجابات , وبإمكانها طرح سؤال على أي إجابة ترى في طرحه توعية وفائدة للطالبات.

نتوقع من الطالبة في نهاية هذه الجلسة أن تعرف أن هناك مناطق خاصة في جسمها لا يحق لأحد أن يراها أو يلمسها.

الجلسة الثانية

حلقة نقاش , وتمثيل أدوار , يقسم الفصل إلى ثلاث مجموعات.

يتم تحقيق هذه الأهداف عن طريق إدارة النقاش حول أنواع الأذى الذي قد تتعرض له أي طالبة وكيف تحمي نفسها.

بعد أن تذكر المعلمة بعض المخاطر المحسوسة التي يمكن أن تتعرض لها الطالبة في حياتها , تعرج - دون حياء - وتطرح بعض الأسئلة الجريئة التي تكشف فيها الطالبة عن مشاعرها مثل:

س 1: ما مشاعرك لو حضنتك أمك؟

س2 : بماذا تشعرين لو ضمك أبوك؟ أو أختك؟

س3 : بماذا تشعرين لو حضنك شخص غريب؟ أو لمسك؟

س4 : ماذا تفعلين لو حاول أحد أن يلمس أعضاءك الخاصة؟

س5 : ماذا تفعلين لو لمس أحد أعضاءك الخاصة؟

1. أرفض وأقول لا بكل قوة.

2. أهرب بسرعة, أركض ( عند التعرض للمس مؤذٍ).

3. ألجأ إلى أقرب مكان آمن أو شخص آمن مثل : أمي , أبي , معلمتي , أو أختي الكبرى.

إرشـــــادات

- تطلب المعلمة من طالبتين أن تقوم واحدة منهما بدور الشخص المعتدي (غريبا كان أو قريبا) والأخرى تمثل دور المعتدى عليها أو دور الطالبة الصغيرة.

- تعطى الطالبة المعتدى عليها كرتا كبيرا كتب عليه بخط واضح باللون الأحمر (لا) أو أي عبارة تدل على الرفض بقوة , مثل العبارات السابقة لتعرضها في وجه المعتدي وتقول بصوت عال (لا) ثم تهرب , وتركض لمعلمتها التي تكون واقفة لتشاهد المشهد عن بعد مع باقي الطالبات.

- تحضنها معلمتها وتشجعها وتشير بإبهامها بإشارة صح ثم تطلب منها أن تعود إلى مكانها.

الجلسة الثالثة

وتهدف إلى تمكين الطالبة من التعبير عن مشاعرها دون خوف، وتعزيز علاقة الطالبة بوالدتها أو من يقوم مقامها.

التنفيذ

يتم تحقيق هذه الأهداف عن طريق تمثيل الأدوار, وعن طريق المناقشة، وفي في نهاية الجلسة يتوقع من الطالبة أن تتمكن من التعبير عن مشاعرها دون خوف، وأن تعبر بصراحة عما يحدث لها لشخص قريب منها، وتذكير الطالبات بأن الله هو الحافظ وحده سبحانه فلا تنسى الطالبة ترديد أذكار الصباح والمساء في كل يوم.