تقع الكثير من السيدات العاملات بين نار الحاجة للخادمة، ونار التوجس والخوف من سوء معاملة الخادمة للأبناء أثناء فترة غياب الأم، ويزيد من هذه الهواجس حكايات الصديقات، ومشاهدة مقاطع اليوتيوب التي تصور أساليب متعددة في الضرب مارستها عاملات منازل ضد أبناء مخدوماتهن.
هواجس الأم تزداد مع سماعها عند عودتها لصراخ ابنها، وقد تفسر هذا الصراخ بأنه شكوى منه لها من سوء معاملة تعرض لها من الخادمة، وهذا غالباً قد يكون تفسيراً خاطئاً، وإن كان قد يفسر أحيانا على أنه عتاب من الابن للأم لغيابها عن المنزل حسب قول بعض الأخصائيين.
ولجأت الكثير من السيدات الموظفات لحل البحث عن مكان يؤوي الخادمة والأبناء أثناء غيابها للعمل، وكان بيت الأقارب والصديقات الخيرات البديل، فتصبح هنا الخادمة عبئاً بدلاَ من أن تكون عوناً لربة المنزل .
وفي استطلاع أجرته "الوطن" قالت بعض ربات المنازل ممن يتركن أبناءهن مع خادمات إن هذا التوجس والشعور يربكهن أثناء بقائهن في العمل . من هؤلاء نسيّم عبد الله (معلمة بإحدى مدارس منطقة نجران) والتي تترك أولادها مع الخادمة، وتقول إن حديث المعلمات في المدرسة عن سوء معاملة بعض الخادمات للأبناء، وسرد تفاصيل مقاطع يوتيوب بهذا الخصوص يثير تخوفها، وتضيف " أجدني دائمة الاتصال والمتابعة للخادمة في المنزل من بداية خروجي من البيت إلى آخر ساعة دوام".
وتفضل سعدية محمد (ممرضة) الذهاب بأطفالها صباحاً برفقة الخادمة إلى الجدّة، خاصة أن فترة بقائها بالعمل تمتد لساعات طويلة، الأمر الذي يجعلها تطمئن عليهم بهذا الإجراء، وتوضح سعدية أنها عندما تسافر والدتها أولا تكون متواجدة بالمنزل في أحد الأيام، تودعهم عند إحدى صديقاتها أو قريباتها، أو أي مربية تعتمد عليها، حتى لو كان بمقابل مادي، لأنها لا تستطيع إبقاء أبنائها برفقة الخادمة بالمنزل بمفردهم.
وتشير عرفه آل دويس (مديرة إحدى مدارس محافظه يدمه التابعة لإدارة التربية والتعليم بمنطقة نجران) إلى أن وجود الخادمة مطلب لابد منه في بعض الظروف خاصة للمرأة العاملة، وترى أن كل خادمة تعتمد في تعاملها مع الأطفال على طريقة معاملة أهل المنزل لها.
وتنصح ربه المنزل ألا تعتمد على الخادمة في كل شيء، وخاصة في تربية أطفالها، بل يفضل أن يكون النصيب الأكبر من وقت الأم للأطفال بعد عودتها من دوامها.
وتضيف آل دويس أن مقاطع اليوتيوب لعبت دورا بارزا في تخوف الأمهات من تلك التصرفات التي تجعلهن يحملن أطفالهن برفقة الخادمة إلى الجدة أو العمة، أو أي منزل تحس فيه أنها تشعر بالراحة على أطفالها.
من جهتها قالت مستشارة التمريض لبرامج خدمة المجتمع بدائرة الخدمات الطبية بمستشفى أرامكو السعودية نادية بنت عبد العزيز فنتيانه إنها ما إن تذهب في زيارات اجتماعية، إلا وتكون سيرة الخادمات هي محور الحديث الدائر، مع اعتراف من السيدات بصعوبة العيش بلا خادمة .
وتربط فنتيانه بين من يعامل الخادمة كإمرأة حديدية، وبين بعض تصرفات الخادمات العنيفة مع الأطفال ، وتقول "قد تؤثر عوامل مثل "ضعف البنية ، وقلة التعليم، وقلة المورد المادي، والغربة ، واختلاف العادات والتقاليد، واللغة " على سلوكيات الخادمة، وتعاملها من الأطفال، فهي قد تكون أجبرت على السفر للعمل إلى بلاد بعيدة من أجل المال .
وتحذر فنتيانه من رد فعل الخادمات على سوء معاملة الكفلاء، وتقول "عامل الناس كما تحب أن تعامل ولكل فعل رد فعل" .