ماذا لو تقبّلنا التنوع الذي بدأنا ننعم به شيئاً فشيئاً؟!

قيمة الكتابة في تنوع الموضوعات التي نتناولها بين فترةٍ وأخرى تبعاً للمرحلة والأحداث التي تجري، سواء محلياً أو دولياً.

ألاحظ منذ فترةٍ طويلة أن البعض تكون لديه فكرة واحدة يريد من الكاتب أن يتناولها، مثلاً حين أكتب عن "ثورة تونس" يأتي من يعلّق قائلاً: "وهل انتهت القضايا؟ لماذا لا تكتب عن البطالة؟" وآخر يقول: "لماذا لا تكتب عن السعودة"؟! مع أن كاتب هذه السطور لديه مقالات كثيرة حول الفساد والمحسوبيات والواسطات ويجوز أن نضيف عليها امتدادا سجعاً: والسعودات والبطالات، ولو جمعت هذه المقالات لوسعت كتاباً متوسط الحجم. إنني حين أنوّع في تناولي لموضوعات المقالات فإنني أخدم التنوع الذي أجده من أعظم القيم الرائعة التي يمكن أن ينعم بها الفرد، وأن يأنس بها المجتمع!

القضايا لا تنتهي، والحياة تنتهي والمشكلات باقية!

المشكلات جزء من الحياة. لا يمكن للكاتب أن يوجد مجتمعاً مثالياً. الكاتب ينبه ويشير بإصبعه إلى الآفات، ثم الجهات التنفيذية – يفترض- أن تأخذ تلك الملاحظات بالاعتبار. الكاتب لا يمكنه أن يغير المجتمع بقلمه، لكنه يبرئ ساحة ضميره حين يكتب في قضايا أساسية ومهمة، حتى وإن رآها البعض جزئية وهامشية. قضايا مثل: "قيادة المرأة للسيارة، تعذيب الخادمات، التعصب الرياضي، مواقع التواصل الاجتماعي"، أراها ضرورية وأساسية، وإن رآها البعض هامشية وغير ضرورية. لكن السؤال: لماذا حمّل الكتاب ما ليس من مسؤولياتهم من قبل بعض الذين يعانون من ظلم المؤسسات الحكومية وأثرتها؟

أظنّ أن ضعف صوت مجلس الشورى في وقوفه مع المواطن هو السبب الرئيس. فمع التقدير، لم ينجح مجلس الشورى في أن يكون صوتاً يعبر عن المواطن ومشاكله، لهذا يلجأ البعض من الناس إلى الصحفيين والكتاب ووسائل الإعلام بوصفها هي بالفعل برلمانهم الحقيقي، يريدون من الكاتب أن يطرح في زاويته مشكلاتهم كل يوم، مع أن الكاتب من حقه أن يكتب عن يومياته أو أن يكتب مقالاتٍ ساخرة أو أدبية أو فنية، لكن الكاتب السعودي استطاع أن يلبّي هذا المطلب الشعبي مع نقص في أداء مجلس الشورى وأعضائه. علينا ألا نحمل أعضاء المجلس المسؤولية، فالمهام الوظيفية للمجلس مع أهميتها ليس بينها، أن يكون مهتماً بهموم آحاد الناس، ولا يحق لنا أن نطالب أحداً بأداء دور ليس من واجباته، وإن تمنيناه لهذا الدور فاعلاً!

قال أبو عبدالله غفر الله له: لمن سألني "هل خلصت القضايا؟" أهمس في أذنه أن الزاوية متنوعة، تارةً نناقش فيها مشكلة، وتارةً أخرى نطرح من خلالها طرفة أو قصة، أو نسخر من حالة، الزاوية الصحفية، ولا سيما اليومية، لا يجب أن تكون "بريداً للمشكلات"، هذا مع أن معظم كتاباتي تتناول المشكلات الاجتماعية والشبابية وسواها.. لكن يبقى التنوع هو الأساس وهو الأهم في أي كتابة أو زاوية!