وصف الزميل طارق الحميد أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله بأنه (زعيم مليشيا)- الشرق الأوسط، الأحد الماضي - ولا أظن أحدا ممن يعرف الحزب ونصر الله منذ نشأتهما، وأهدافهما، ومن يحركهما، يختلف مع الزميل طارق في وصفه هذا، ومع اتفاقي معه أود أن أضيف لقائد المليشيا صفة العظمة، فهو زعيم مليشيا عظيم، بل أعظم قائد مليشيا في العصر الحديث على الإطلاق، فهو نجح نجاحا منقطع النظير في توظيف واستغلال شعار المقاومة للتغطية والتعمية عن الهدف السياسي الحقيقي الذي يسعى إلى تحقيقه على نار المقاومة، ولهذا فهو لم ينجح في خداع القريبين والمحيطين والمستفيدين والمجندين بل نجح في خداع الأبعدين، وأصبح السيد حسن في زمن قريب مضى القائد المُنتظر لإنقاذ الأمة، وتحقيق رغبة أسلافه من الشعاراتيين في رمي إسرائيل في البحر، وأصبح عدد من المثقفين والإعلاميين العرب من حواريي السيد حسن عن بُعد، وصار (زعيم المليشيا) هذا مضرب المثل في أقوالهم وتحليلاتهم ومحط فخرهم، وهنا سأتوقف قليلا لأقول إنني أختلف مع الزميل الحميد في نقده للقنوات الفضائية التي قطعت برامجها لتنقل خطابه على الهواء، فمثل ما أن مهمة هذه القنوات نقل الأخبار على الهواء والتحليل والنقد فإن من مهامها (التعرية) وخطابات السيد حسن الأخيرة لم تعد بحاجة إلى تحليل ولا نقد، يكفي تقديمها للناس كما هي، فهي لم تعد تأتي على طريقة: كاد المريب ...إلخ، بل صارت تقدم السيد على حقيقته كـ (قائد مليشيا)، ولهذا فمن واجب القنوات الفضائية أن تقدمه فورا كما هو، وعند النقطة التي أوصلته إليها تطورات الأحداث رغما عنه، واضطرته أن يقول الحقيقة بصراحة ودون مواربة مثلما كان يفعل في السابق، حيث كانت حقيقته تظهر بين الحين والآخر في فلتات اللسان عندما يأخذه وهج المنبر وهتاف الجماهير وسحر البلاغة، أما الآن فقد صار (زعيم المليشيا) يتحدث بصفته الحقيقية لا المزيفة، ولولا ثورة الفضاء والاتصال لما تابع الناس ورصدوا تطورات وتحولات السيد إلى أن وصل هذه الدرجة من الوضوح، وقد رصد الزميل عبدالرحمن الراشد – في نفس الصحيفة ونفس العدد – الموقف الذي أصبح فيه الحزب الذي تخلى عنه الكثيرون والبقية قاب قوسين أو أدنى، والذي يهمني هنا هم حواريوه عن بُعد من المثقفين والإعلاميين العرب، فهؤلاء صُدموا أول ما صُدموا بدخول حزبهم المُقاوم ميدان السياسة، فبدأ بعضهم يراجع حساباته ويُعيد النظر في قناعاته، ثم جاءت الصدمة الثانية عندما اجتاحت مليشيا السيد بيروت قبل ثلاث سنوات فبدأ بعض آخر من هؤلاء الحواريين ينضم للسابقين في مراجعة الحسابات وتغيير القناعات، أما عندما ألقى السيد خطابه الأول المُؤيد لقتل الشعب السوري فقد كانت الطامة الكبرى على بقية الحواريين الذين شعروا أن الأرض مادت بهم، فلما جاء خطابه الأخير الذي انتقد الزميل الحميد نقله على الهواء وجد هؤلاء الحواريون المخدوعون بقائد المليشيا أنفسهم وكأنما تتصعد إلى السماء من شدة الضيق والحرج وفداحة الخدعة التي أسرتهم عقودا، ولم يبق من أولئك الحواريين المخدوعين إلا نفر قليل لم يعد أمامهم أي وسيلة للدفاع والتبرير سوى شتم كل من يقول هذه حقيقة (قائد المليشيا) الذي خدعكم، وهؤلاء هم الذين غضبوا من الزميل الحميد وشتموه وسخروا منه، لكن لا أحد منهم يملك حجة واحدة تؤهله لحوار موضوعي حول المليشيا وقائدها، ولهذا فإن شتائمهم لا تجد صدى وسخريتهم لا تتجاوزهم وهم من حيث لا يشعرون يحاولون تغطية الشمس، ويطبقون المثل العربي الشهير (أوسعتهم شتما وفازوا بالإبل)، وأحدهم قلت له: إن النظام السوري نفسه بكل ما لديه من قدرات خارقة على اختراع الأكاذيب والتدليل عليها عجز عن تقديم دليل واحد على المؤامرة الخارجية، وأن بشار الأسد قال بعظمة لسانه إن لديهم أكثر من 64 ألف مجرم ومطلوب هم الذين يشكلون عصابات مع أن نظامه الأمني البوليسي منذ أربعين سنة يمنع حتى تربية الحمام ويفتش ويراقب الأنفاس والطيور، فكيف تصر أنت يا أستاذ على أن هناك مؤامرة خارجية لأن نصر الله قالها؟ فتمتم ولم يجد بدا من اتهامي بأنني من مؤيدي إسرائيل ومن أذناب أمريكا وانسحب من الحوار. لقد أصبحت على قناعة أن هناك مخدوعين لو أفتى نصرالله بقتلهم لقالوا لعلنا أذنبنا ونحن لا نعلم، لهذه الدرجة تمكن (زعيم المليشيا) من هؤلاء، ولهذا لا تلم الفضائيات فتعرية (زعيم المليشيا) واجبة يا طارق.