منذ عام 2005م، وهو عام التحولات في مسيرة الأندية الأدبية بعد إنشاء وكالة الشؤون الثقافية، تعالت أصوات الأدباء والمثقفين مطالبة بالانتخابات، ومنددة بالتعيين الذي استهلت به الوزارة غربلتها لمجالس إدارات الأندية الأدبية الراسخة والرابضة على قلوب الأدباء لأكثر من ثلاثين عاما، وإن تفاوتت المدة في بعض الأندية، وقلت في بعضها، لكن هذه المجالس كانت في مجملها عصية على التغيير، ومنافية لسياسة الانتخاب التي تفاخر بأنها قامت عليها، رغم عبقرية أداء بعض الرؤساء. وها هي لائحة الأندية الأدبية المشرعة للانتخابات تصدر بعد مخاض استمر لأكثر من خمس سنوات. فهل هدأت نفوس الأدباء والمثقفين وطابت؟
إن المتابع لمسيرة اللائحة منذ ولادتها الأولى على يد وكيل الوزارة السابق الدكتور عبدالعزيز السبيل، وإرسالها لرؤساء الأندية الأدبية للتشاور حولها، وتسربها للصحافة، وتأرجحها بين القبول والرفض لمبدأ الانتخابات الذي تنظم له، من قبل بعض الجهات الرسمية، ومرورا بسفرها إلى نجران في عام 2008 في معية السبيل ورؤساء الأندية للفكر والتدبر بشأنها!، وانتهاء بخروجها إلى النور بعد خروج السبيل، ليشفق عليها ويردد: تكاثرت الظباء على خراشٍ... فما يدري خراشٌ ما يصيد.
مشوار طويل لم ينته حتى بعد اعتمادها من قبل الوزير، إذ وجهت الانتقادات لبعض بنودها، ليعيدها الوزير، بكل رحابة صدر، إلى طاولة النقاش، ليتم تعديلها من قبل لجنة الخمسة حكماء!.
صدرت اللائحة المعدلة قبل أقل من شهرين، لكنها فجرت قنبلة من الاحتجاجات بسبب العبث ببعض بنودها المتعلقة بشرط العضوية الذي فتح على الغارب، حيث تم إلغاء شرط التخصص الأدبي. ولو أن اللائحة خرجت بنفس الشروط التي وضعت منذ كانت في المهد تتلمس طريقها لما حدثت هذه الإشكالية.
لقد قامت الأندية الأدبية ككيان للأدباء أسوة ببقية التخصصات، فكما أن للتربويين والجغرافيين والآثاريين والفقهيين والمهندسين والأطباء والتشكيليين والمصورين جمعياتهم، فإن من حق الأديب (مهما كانت الأيديولوجية المنطلق منها، ومهما كان مذهبه أو توجهه) أن يصبح عضوا في النادي، بل وعضو مجلس إدارة منتخب أو حتى رئيسا، ما دام يحمل مؤهلا لغويا أو أدبيا، أو أن يكون له كتاب في الأدب شعري أو روائي أو نقدي. وهذا التخصيص هو مجرد إجراء تنظيمي مؤسساتي، لا ينفي رسالة النادي الأدبي الثقافية، فكل أديب هو بالضرورة مثقف، وليس كل مثقف أديبا، فالثقافة تشمل جميع مناشط المجتمع بمفكريه وعلمائه وفنانيه. ومن حقهم جميعا المشاركة في أنشطة الأندية الأدبية المتنوعة وحضورها. ولو تفحصنا جداول فعاليات نادي جدة الأدبي لوجدنا كثيراً من أسماء الرموز الدينية المشاركة، مثل محاضرة الشيخ سلمان العودة والندوة المشتركة بين الناقد الدكتور معجب الزهراني والشيخ عوض القرني. وآخرها مشاركة الدكتور محمد صالح الدحيم في ملتقى قراءة النص الحادي عشر بورقة عن "اللغة والخطاب الديني".