ربما يبدو مقالي اليوم موغلا في الجانب الشخصي، لكنني عندما هممت بالتوقف في الكتابة عن الشخصي، تأملتُ، فوجدت أن العام هو بذاته يعني مجموعة من الشخصيات، فمضيت.

بالأمس كنت أتأمل في صناعة السعادة، تلك التي حارت فيها الألباب، وتصارع عليها الأعداء والأصحاب، وكتب فيها المؤلفون والكتاب.

ثمة لحظات موغلة في البساطة، تصنع يومك ولحظتك وربما سنتك كلها.

التفافك مع أهلك وأقاربك على وجبة بسيطة، تلمح في عيونهم الفرح، يمكن أن يصنع سعادة عجيبة، لا تضاهيها سعادة!

القصة لا ترتبط بمزيد تعقيد، طالما رسمتها في ذهنك بسيطة. أليس خبر نجاح عملية حبيب لك، يجعلك تسبح في بحور السعادة؟!

كنت قد كتبت مرارا، كيف أن السعادة، أنزيم يرتبط بذهن كل امرئ منا، فبقدر ما تحاول الاستمتاع بالأشياء الصغيرة في حياتك، بقدر ما تكون على مقدرة على الوصول لمقر هذه السعادة، والخوض في غمارها، إن السعادة تسكن التفاصيل الصغيرة!

ثمة من يستمتع بجمعة الأهل، ولمة الأصدقاء، وعطاء الأقرباء، ونجاة الأحبة من غوائل الدهر، وأزمات الدنيا، وربما بكوب قهوة، وكأس شاي، بطعم قطعة حلوى، أو شطيرة جبنة، أو فطيرة لحم، أو منقوشة زعتر، ومن أهم ذلك شربة ماء على ضمأ... أليست هذه من عوالم صناعة السعادة؟!

الخيرات التي نرفل بها، إن شئنا أن نحس بها، لا عد ولا حصر لها، وإن شئنا أن نعمق من روح التشاؤم في دواخلنا، وأن نفعل من جينات السلبية الموجودة في دواخلنا، فذلك هين سهل يسير، والتفتوا إن شئتم يمينا أو شمالا، لتضعوا أيديكم على من شئتم ممن تعرفون، فتقرروا، هل هم من السلبيين الذين لا يعرفون إلا الشكوى ولا يتقنون إلا التفنن في التعبير عن المشكلات، وغوائل الدهر، ومصائب الدنيا، أم هم من الإيجابيين الذين يحسنون الاستمتاع بالدنيا، ويكتشفون الجمال في صغائر الأشياء وبسائط الأمور، ويحمدون الله على نعمه الجمة، وسابغ فضله!

اللهم اجلعني ومن يقرأني من الإيجابيين الذين يستمتعون بالصغائر، وإن اعتبرهم السلبيون صغارا... اللهم لك الحمد على نعمك، وفضائلك التي لا نحصيها وإن اجتهدنا، واكرمنا يا كريم، بتقدير الفضائل، وتكبيرها، وعظم إحساسنا بها، واجعلنا ندرك أن هذه هي السعادة، يا رحمن يا رحيم، يا أكرم الأكرمين!.