لفت نظري ما نشرته الصحف عن اللقاء التجاري – الأمريكي السعودي – في غرفة جدة منذ أيام الذي تحول إلى جدل سياسي حول موقف الولايات المتحدة ودعمها المطلق لإسرائيل. الوفد الأمريكي فضل عدم الخوض في الجوانب السياسية بحجة أن الاجتماع اقتصادي إلا أن الشاب أحمد صبري الذي يدرك أن هذه ليست حجة حقيقية أوضح لهم أن أمريكا قطعت علاقاتها الاقتصادية مع بعض الدول لأسباب سياسية.


الوفد الأمريكي وهو من مساعدي أعضاء الكونجرس تجنب أو حاول تجنب النقاش حول الموقف الأمريكي من إسرائيل لأنه لا يملك الحجج المنطقية المقنعة التي يمكنه أن يسوقها في وجه كل من ينتقد أو يرفض الانحياز الأمريكي المطلق مع العدوان والإرهاب الإسرائيلي المستمر والمعلن، لكن بعض رجال الأعمال السعوديين الذين تحدثوا أثبتوا لهم أنه لا يمكن الفصل بين الجانبين الاقتصادي والسياسي وأن مواقف الإدارة الأمريكية تؤثر على المنتجات الاقتصادية الأمريكية، وقال علي حسين علي رضا وكيل سيارات فورد وميركوري إن هناك العديد ممن يحجمون عن شراء السيارات الأمريكية من باب مقاطعة منتجات الدولة التي تعد الداعم الأول لإسرائيل. مساعدو أعضاء الكونجرس يعرفون هذه الحقائق، وهم ليسوا في حاجة إلى من ينبههم إليها، لكنهم قطعا في حاجة إلى من ينبههم إلى أن الشعوب العربية تعرف مكامن الضعف الأمريكية، وتعرف أن الاقتصاد هو مكمن الضعف والقوة في أي علاقة، وتعرف أن اختلاف علاقات أمريكا مع الصين واليابان وكوريا عنها مع العالم العربي ليست إلا بسبب الموازين الاقتصادية فهي موازين ترغم أمريكا على أن تقبل من أولئك مواقف ومطالب لا تقبلها وقد لا تلتفت لها من العالم العربي، مما يعني أن التركيز على الجانب الاقتصادي هو السلاح الأمضى في معركة الحق والبقاء. إنني إذ أشيد بموقف رجال الأعمال والتجارة السعوديين هذا فإنني لا أزعم أنه سيغير شيئا مهما، لكنه مؤشر واضح لوعي الشعوب بقضاياها، ومؤشر واضح إلى أن العلة كامنة داخل الوطن العربي لا عند الأمريكان، فلو كان العرب في مستوى اقتصادي يؤهلهم لأن يكونوا قوة مؤثرة لتحققت الاستجابة التي يطمحون إليها من أمريكا ومن غيرها، لكن العرب على ضعفهم الاقتصادي لم يستطيعوا حتى اليوم أن يتوحدوا على مستوى الرأي والكلام، فلكل دولة رأيها وكلامها، بل إن أمريكا وغيرها من الدول المؤثرة في قضايا العالم اعتادت من العرب كل على حدة أن يقولوا كلاما في العلن وعكسه من تحت الطاولة، ولذلك فأمريكا وغيرها يتخذون مواقفهم حيال قضايانا بناء على ما يتم تحت الطاولة لا فوقها وهنا تكمن المعضلة التاريخية المتمثلة في المقولة التي يحرص العرب على تخليدها بأنهم اتفقوا على ألا يتفقوا، ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.