على الرغم من أن فكرة جائزة نوبل انبثقت في 27 نوفمبر 1895، عبر وصية مخترع الديناميت، رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل، ومنحت الجائزة لأول مرة عام 1901، بينما تأسست جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1977، ومنحت لأول مرة عام 1979، فإن فوز عدد كبير من العلماء بجائزة الملك فيصل قبل أن ينالوا جائزة نوبل، يؤكد أن الريادة في اختيار العلماء وتكريمهم، لا ترتبط بالزمن، بقدر ما ترتبط بالرؤية الاستشرافية، وهذا ما تثبته جائزة الملك فيصل.




صار معروفاً في الأوساط العلمية الدولية أن جائزة الملك فيصل العالمية تعتبر مختبرا حقيقيا لفرز أصحاب القدرات العلمية المتميزة، وتشكل محكا يصعب تجاوزه من قبل أي متقدم للجائزة، ما لم يكن مؤهلا لذلك بشكل لافت. وهذه الأهمية للجائزة لم تأت بسهولة، كما لم تُهد لها من وسائل الإعلام المختلفة نتيجة لتحيزات سياسية أو أيديولوجية، بل جاءت نتيجة للمجهود الكبير، الذي تبذله أمانة الجائزة من خلال الإجراءات الصارمة والدقيقة التي تمر عبرها وسيلة الاختيار، ودقة وكفاءة أعضاء اللجان الذين بيدهم قرار الاختيار. وأصبح معلوما بشكل لا مجال فيه للشك، لدى الأوساط العلمية في الغرب، كونها المعنية أكثر من غيرها بحقول العلم المختلفة، لانهماكهم هناك في الأبحاث وتطوير مجالاتها، أصبح معلوما أن جائزة الملك فيصل العالمية خاصة في الفروع العلمية، غدت بمثابة تذكرة عبور مؤكدة أو جواز سفر إلى جوائز نوبل العالمية. فأن يفوز عالم ما بجائزة الملك فيصل العالمية، معناه أن يتهيأ خلال السنوات القليلة القادمة لنيل جائزة نوبل. وذلك ما حدث للعديد ممن سبق لهم أن حازوا جائزة الملك فيصل العالمية، إذ ما إن مضت سنوات على فوز بعضهم بجائزة الملك فيصل العالمية (بعضهم مر على فوزه أقل من سنتين)، حتى تم إعلان فوزهم بنوبل.

ففي عام 1986 نال الدكتور جيرد بينج والدكتور هنري روهرر، جائزة نوبل للفيزياء بعد عامين من حصولهما على جائزة الملك فيصل العالمية عام 1984. كما منح الدكتور مايكل جون بيردج، جائزة مؤسسة لويس جانيت الطبية بعد فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية في الكيمياء الحيوية عام 1986.

وهكذا تحظى جائزة الملك فيصل العالمية بالسبق في تكريم العلماء من مختلف دول العالم، حتى في جائزة هذا العام، بعد أن كررت جائزة نوبل للسلام اختيارها للبروفيسور البريطاني روبرت إدواردز للفوز بجائزة نوبل للطب لعام 2010م ولنفس السبب عن دوره في تطوير عمليات أطفال الأنابيب والمساهمة في حل مشاكل العقم.

وكانت جائزة الملك الفيصل العالمية قد اختارت في عام 1989 نفس العالم للفوز بجائزة الملك فيصل العالمية مشاركة مع العالم الأمريكي ليوجي ماستريوني لدوره في معالجة العقم من خلال تطوير عمليات أطفال الأنابيب والتي ساهمت في حل كثير من مشاكل العقم حول العالم.

واختير العالم روبرت إدواردز المتخصص في علم الوظائف، والذي شارك في ثورة علاجات التخصيب من قبل معهد كارولينسكا السويدي الذي يمنح جوائز نوبل للفوز هذا العام بجائزة نوبل للطب.

وكما اختير العالم إدواردز بجائزة نوبل بعد فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية لنفس السبب، فإن جائزة الملك فيصل استطاعت أيضا أن تمنح جوائزها لعلماء في مجالات مختلفة يصل عددهم إلى 15 عالماً نالوا بعد ذلك جوائز نوبل للسلام، كما استطاعت أيضا جائزة الملك فيصل أن تنمح جوائزها لعلماء آخرين لأسباب في مجالات تخصصهم نالوا بعدها جوائز عالمية لنفس السبب الذي اختارتهم له جائزة الملك فيصل.

وتتيح جائزة الملك فيصل العالمية التي تمنح سنويا الفرصة للمؤسسة لتكافئ الذين أوقفوا حياتهم للعلم، وحققوا إنجازات فريدة، وتحولا إيجابيا في مجالات إبداعهم، وبلغ عدد الفائزين بالجائزة منذ انطلاقتها حتى الآن 209 فائزين من 40 دولة من مختلف دول العالم.

وهذه الجوائز تمنح لمن خدموا الإسلام والمسلمين، وللعلماء الذين كان لنتائج بحوثهم أثر كبير في تحقيق تقدم جوهري في تخصصاتهم العلمية خدمة للإنسانية.

وهذا الحافز يشجع على توسيع البحوث العلمية وتطويرها لارتياد آفاق جديدة في ميداني الطب والعلوم.

يذكر أن جائزة الملك فيصل تمنح في خمسة فـروع، وهي: خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، والأدب العـربي، والطب، والعلوم.