مازالت موضة الحملات مستمرة، حتى أصبحت شغل من لا شغل له، والميزة التي تساعد على انتشار هذه الحملات ورواجها أنها تصلح لكل زمان ومكان وهدف.. فحملات للمقاطعة وحملات للمشاركة وحملات للتأييد وأخرى للاستنكار، وكما تناولت هذه الحملات أمورا مهمة في مجتمعنا وتبنت قضايا شائكة، فقد تناولت كذلك أسخف الأمور في حياتنا اليومية ومنه ما يتراشق به الجنسان في السعودية تحديدا من ألقاب تتعلق باللباس والشكل الخارجي، فحملة "أبو سروال وفنيلة" الموجهة للرجل السعودي، والتي تجول على إثرها مجموعة من الشباب بملابسهم الداخلية في شوارع الرياض. تقابلها حملة "أم ركبة سودا" والموجهة للمرأة السعودية وإن كنت لا أعرف كيف ستشارك المرأة السعودية في هذه الحملة، هل سنشهد مسيرة لنساء سعوديات يكشفن فيها عن ركبهن السوداء مثلا؟، وتتميز الحملات السعودية إن صح التعبير من حيث إنها "سعودية المنشأ والقضية" لأنها لا تتناول موقف السعوديين والسعوديات مثلا من القضايا الخارجية، بل هي تتحدث عن الشأن الداخلي بامتياز وتتناول أمورا مجتمعية، وتتخذ لها عناوين رنانة تشد الانتباه أولا، وتحمل رسالة مختصرة إلى الجهة المعارضة تبين فيها موقفها، دون أن يكون لهذه الحملات أبعاد سياسية تهدف إليها ولا أياد خارجية تحركها، لكن مؤخرا ظهرت حملة أسمت نفسها "لا للقيادة والتمرد على القادة" وهي أيضا أسست للرد على حملة مضادة "سأقود سيارتي بنفسي" وكما يبدو من العنوان فهي تتناول معارضة قيادة المرأة للسيارة وتحمل اتهاما للمؤيدين بأنهم متمردون على القادة وولاة الأمر، وهو اتهام ينال من وطنية المؤيدين، فانعدام الوطنية أو نقصانها أصبح هو التهمة الجاهزة التي تصلح لكل من خالفك في الرأي أو أتى بسلوك لا يعجبك.. إلا أننا في هذه القضية تحديدا لا يمكن تفسير المطالبة بالقيادة على أنها تمرد على القادة، ولا يمكن أن تفسر كل مطالبة بأمر ما على أنها تمرد، فالقيادة هنا لا تملك موقفا عدائيا أو رافضا للقضية برمتها، وإلا لما كان أمر طرحها للمناقشة والدراسة مقبولا. هنا سنعود إلى مربعنا الأول ومطالباتنا بحقوقنا والسماح بقيادة السيارة "لمن تريد" من النساء، أما الرافضات فيملكن كامل الحق "في عدم القيادة" سواء صدر قرار الموافقة أم لا. فلن نجد بالطبع من يترأس حملة بعنوان "قودي سيارتك بنفسك.. وإلا".