بدأت مدارس البنين والبنات في محافظة جدة كغيرها من المدارس مع بداية العام الدراسي تنفيذ فعاليات وبرامج نوعية احتفاء بمناسبة اليوم الوطني الثمانين للمملكة، واتسمت هذه الفعاليات هذا العام بالتنوع والثراء الثقافي الذي يتسم به مجتمع جدة ، حيث تميز المحتوى بمزيج واسع ومتناسق من الأطياف والثقافات.
الأمر الذي أضفى تميزا وجودة على هذه البرامج، خصوصا تلك التي تضمنت ألوانا من الفلكلور الشعبي، والتي أعطت الطلاب ومعلميهم هامشا جيدا من مساحة التعبير عن فرحهم وبأسلوب ملائم لهذه المناسبة.
ولعل من أبرز ما نفذته العديد من المدارس في جدة وخصوصا الابتدائية هو إحياء شخصية "الحكواتي" الشهير، والتي تشتهر بها المنطقة الغربية بشكل عام وجدة على وجه الخصوص، وهو ما دفع عددا من التربويين ومديري المدارس للحرص على أن يكون "الحكواتي" حاضرا وبقوة ضمن الفعاليات.
والحكواتي يمتلك أسلوبا بديعا في سرد الوقائع والأحداث التاريخية لمراحل تأسيس المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، مع ما واجهه في سبيل تحقيق اللحمة الوطنية للوطن الكبير من مخاطر ووقائع بطولية تزخر بها الوثائق التاريخية ، وتسرد في المقررات الدراسية. في هذا الصدد يقول الحكواتي محمد عمر قبول وهو إلى جانب شهرته في انتهاج أسلوب "حكواتية" جدة القديمة يعمل معلما لأكثر من 30 عاما بمدرسة عمر بن الخطاب إن مدرسته هيأت له الفرصة لأن يلتقي بالطلاب ضمن برامج الاحتفاء باليوم الوطني، ليقدم لهم لمحة عن ملحمة توحيد الوطن، بعد أن كان الناس يعيشون أشتاتا متناحرة. وأشار إلى أن الأسلوب الذي يتبعه يعتمد على إيصال فكرة القصة مع ما تحتويه من جوانب تنمي في الطلاب صفات جليلة مثل الكرم والتفاني والعمل لخدمة المجتمع، وتوظيف الإيحاء اللفظي والجسدي، من خلال سرد القصة بالطريقة الأصلية لأسلوب الحكواتي الحقيقي، ليستشعر الطلاب مكامن وجوانب البطولة والإقدام في شخصية المؤسس، إلى جانب التركيزعلى إبراز الوقائع التي تتصل ببيئة الطلاب المحلية في جدة القديمة، حين استقبل الأهالي الملك المؤسس مبتهجين بقدومه، ودخول مدينتهم الحالمة في كنف الدولة السعودية.
من جانبه أوضح مدير عام التربية والتعليم بمحافظة جدة عبد الله بن أحمد الثقفي أن "العديد من المدارس نفذت برامجها لليوم الوطني بطريقة احترافية رائعة، وكان من ضمن تلك البرامج تنفيذ العديد من المدارس فقرة الحكواتي الذي كان له دور كبير كمربٍّ اجتماعي أخلاقي؛ ومعلِّم للمبادئ والقيم ومُثْرٍ للمعرفة والأفكار، وأديب ينمي حركة الإبداع والفن القصصي.
وأضاف أن الحكواتي رائد من رواد الفن الشعبي، كان يربّي الذوق الفني والخلقي في النفس، ويحررها من الانحباس والقلق والاضطراب، ويفتح العقل على جوانب فكرية وإبداعية شتى، ولاسيما حين يستشهد بالوقائع المؤيدة للفكرة، وهذا يعني تربية الطموح والثقة بالنفس، مادام الإنسان يمتلك الفضائل النبيلة، كالكرم والشجاعة والفروسية والفداء والتضحية.
وأضاف الثقفي أن "الحكواتي يرسل المعلومة في إطار مثير يتسع مداه على رمزية الأداء، وتقاسيم الوجه، وحركة اليد والرجل، وحيوية التصرف، وكأنه المقدمة الأصيلة لبداية الدراما التي شهدها التلفاز من بعد.