أكد الناقد المصري الدكتور صلاح فضل أن التقليل من الأدب الشعبي أو التمييز ضده يعد جريمة ثقافية، لافتاً إلى أن المؤسسات الثقافية درجت على التمييز الفني بين مستويين من الإبداع؛ رسمي وشعبي، واعتبرت الثاني أقل شأنا من الأول، لافتا إلى أن ذلك التمييز يعد جريمة ثقافية.

وأضاف فضل الذي كان يتحدث فى اللقاء التكريمي الذي أقامته مكتبة الإسكندرية أول من أمس لشاعر العامية المصري سيد حجاب، أن التقليل من شأن الأدب الشعبي هو بمثابة احتقار لإبداع الشعوب ونبض الواقع، مشيرا إلى أن تكريم مكتبة الإسكندرية لرمز من رموز الأدب الشعبي يعدل ميزان تلك الجريمة الثقافية. وأكد أن سيد حجاب استطاع أن يبدع نمطاً جديداً من الإبداع، بالتعاون مع الكاتب أسامة أنور عكاشة والفنان عمار الشريعي، تتمازج فيه الدراما والموسيقى؛ منوها إلى أن حجاب قدّم أطرا فنية جديدة لم تشهدها الثقافة العربية.

وأوضح فضل أن ابتكارات سيد حجاب استطاعت كسر الهوة بين الثقافية الرسمية القديمة وتلك الشعبية الحديثة، كما أن إخلاصه لقيم العدالة والحرية ارتفعت بمستوى إبداعه لآفاق عالية.

من جانبه، أشار مدير مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية المايسترو شريف محيي الدين؛ إلى أن سيد حجاب قدم تعبيرا فنيا رائعا عن هموم البشر، وهذا ما يحقق أحد الشروط المهمة للإبداع: وهو قدرة الفنان على الخروج عن دائرة ذاته وتجربته الشخصية ليعبر عن الإنسان في كليته.

ونوّه محيي الدين إلى أنه مما يؤكد التحام سيد حجاب مع البشر تجربة مهمة له مع تقديم الشعراء الشباب إلى القراء، فحين كان في شبابه، قدمه صلاح جاهين لقراء مجلة صباح الخير ضمن باب بعنوان "شاعر جديد يعجبني"، ثم تمضي الأيام ويحرر الشاعر سيد حجاب بابا بنفس العنوان في جريدة القاهرة عام 2004 ويقدم من خلاله حوالي 20 شاعرا بعضهم جدد وبعضهم كانوا بعيدين عن الأضواء. كما أن لحجاب تجربة أيضا في تقديم المطربين الشباب الذين نجح بعضهم في استكمال مسيرتهم وأصبحوا من أهم الفنانين المصريين؛ مثل الفنان علي الحجار.

وقال المايسترو شريف محيي الدين إنه عمل مع الشاعر سيد حجاب عملين كبيرين هما: "ميرامار" و"3 أوبرات في ساعة"، إضافة إلى العمل حاليا في أوبرا "السقا مات"، مضيفا أن تلك التجارب هي نقطة تحول كبيرة في تاريخ التأليف الموسيقي المصري المعاصر؛ حيث إنها الأوبرات الوحيدة المكتوبة بالعامية، معتمدة على معطيات الحياة اليومية وتفاصيلها البسيطة؛ نزولا من البرج العاجي الذي ألفت منه أوبرات تاريخية جليلة مكتوبة بالفصحى.

وأكد الفنان عمار الشريعي أنه حينما قابل سيد حجاب لأول مرة عام 1977 شعر أنه سيكون هناك تلازم بينهما، مشيرا إلى أن أهم ما يميز شعر حجاب هو موسيقاه الداخلية. وشدد الشاعر فؤاد طمان، على أن سيد حجاب عاش عمره كله يبحث عن سعادته في سعادة الناس وعن عزته في عزة الوطن، وهو بهذه المسيرة أصبح الامتداد الطبيعي لشعراء الشعب العظام محمود بيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح جاهين على طريق الوطنية والفن والجمال.