"قصر نواف الشعلان" .. أحد رموز محافظة القريات التي غابت عنها أعين التنشيط السياحي, وهو قصر أثري شهدت ساحاته بطولات وقصصا اختلطت بالتاريخ لتذكرها الأجيال جيلا بعد جيل. والقصر التاريخي بناه الشيخ نواف الشعلان عام 1338 قبل أن تخضع المنطقة للحكم السعودي، وتم تسليمه للملك عبد العزيزآل سعود أثناء فترة تأسيس الدولة السعودية عام 1344.

يقع القصر شمال شرق محافظة القريات " 27 كلم"، وقبيل الوصول إليه وفي منعطف بلدة "كاف" يبرز جبل"الصعيدي" الذي يغفو القصر على تلته الشرقية. وتبلغ مساحته الإجمالية 3005,76 مترات مربعة، ويحيط بالقصر سور تم بناؤه من الحجر وفي كل ركن من أركانه الأربعة برج تم بناؤه للمراقبة والحماية أثناء المعارك الحربية. اسم القصر الحقيقي هو "قصر نواف الشعلان"، بينما يطلق عليه البعض اسم قصر "كاف الأثري" نسبة إلى قرية كاف.

ويذكر حامد السبيتي (في الثمانين من عمره ) أن والده عطا الله السبيتي كان أحد البنائين الذين قاموا ببناء القصر، وأن المواد التي تم استخدامها للبناء مواد محلية كالجريد والنخل والطين والأثل، والحجر الذي يجلب من جبل الصعيدي. ويضيف أن معظم البنائين الذين استعان بهم الشيخ نواف الشعلان كانوا من سوريا، وذلك لخبرتهم بالتصاميم العثمانية في ذلك الوقت.

يشد انتباهك عند دخول ذلك القصر الاعتناء الكبير بالزخرفة في بابه الجنوبي الشرقي، حيث وضعت لوحة تبين تاريخ تأسيسه فوق العتبة العلوية، وذكر فيها جميع من قاموا بالعمل فيه .أما المدخل فيؤدي إلى غرفة وكأنها للاستقبال وتفتح على فناء كبير وواسع عن يمينه مبني للضيافة، وعلى اليسار مجلس الحاكم، ومن الجهة الجنوبية يقع المسجد والمكاتب الإدارية، كل مكتب مستقل بذاته عن الآخر، ويحيط بالقصر سور على شكل مربع وهو عبارة عن جدار منيع لتوفير الحماية، وقد بني عند كل ركن من أركانه الأربعة برج أسطواني الشكل قاعدته من الحجر، والجزء العلوي تم استكماله من الطين.

وتتجلى روعة التصميم في الوحدة المتكاملة للمباني داخل القصر، فمبنى الضيافة بجوار المدخل الرئيسي، وهو بمثابة جناح للاستقبال الرسمي في المناسبات، ويطل على الفناء الداخلي للقصر. ومجلس الحاكم بني في الجانب الغربي فوق أعلى جزء من التلة، وقسم العائلة وضع بعيدا لتحقيق الراحة والخصوصية، كما توجد في القصر مستودعات ويبدو أنها مستودعات للذخيرة، بالإضافة إلى السجن.

وتتضمن حوائط القصر الشرقية والغربية فتحات صغيرة للتهوية والإضاءة تتجلى فيها روعة الإبداع في التصميم والذكاء الهندسي, حيث تتسلل للقصر خيوط الشمس في وقت الشروق ووقت الغروب.

ومن أول الأشياء التي تتبادر إلى ذهن زائر القصر هو كيف يترك مثل ذلك المعلم الأثري بكل ما يحمل من جمال معماري دون استغلاله في المجال السياحي أو تحديثه واستغلاله في المناسبات الاحتفالية والأدبية وغيرها كجزء من ممتلكات الوطن التراثية القيمة.