مع سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، تحاورت طويلاً حول عوامل تعزيز الوحدة الوطنية بما يكفل أن تكون معززات وقواعد هذه الوحدة المباركة من فعل الواقع الملموس لا من صفحات الإنشاء وحصص التعبير والمطالعة. ألا يسمح القانون بأن يوزع علينا من شاء رتبتنا في سلم الولاء والانتماء ولا أن يحدد لنا مواقعنا في السلم الاجتماعي من درجات المواطنة. أنهيت اتصالي الطويل وأنا مؤمن أن ـ ابن سعود ـ هو المظلة العليا التي تقي من حرارة الشمس وتمتص غضب القيظ وتبث ظلالها بلا فرق إلى المتر الأخير من الحدود وإلى الساكن الأخير الذي يشاهد نهايات حدود وطنه بعينه المجردة. والولاء مثل المواطنة، واجب ومسؤولية وعلى القانون المكتوب أن يقتل نزعة أصحاب توزيع الفوارق بين أبناء الوطن الواحد، وكلنا بلا استثناء شاركنا ليالي الفرح مثلما تماسكنا عند ظهيرة الحزن. وحتى سمو الأمير، محمد بن نايف، ذهب في أقل من عامين إلى كل المناطق الثلاث عشرة معزياً في شهداء هذا الوطن أو زائراً لجرحى المواجهات الأمنية. هذه الحقيقة وحدها تبرهن أنه لا توجد في الواجب الوطني منطقة من الدرجة الأولى ومنطقة من الدرجة العاشرة، وأولى عوامل تعزيز قواعد الوحدة الوطنية أن يشعر المواطن في كل مكان، وأياً كان أنه شريك فاعل في بناء عمران المواطنة. وبالطبع فهناك فارق جوهري بين الشراكة في الفعل الوطني وبين الانتماء والمواطنة. وأصحاب الفهم العليل السقيم هم من تختل لديهم هذه المعادلة. لا يعني ألا تكون شريكاً في صنع القرار التنفيذي أن نسحب هذا على انتمائك أو ولائك. هناك من حجبت عنه فرصة الشراكة الفاعلة في البناء الإداري والتنموي وحين يلمس هذا أصحاب الفهم المختل يبدؤون في توزيع التهم المتعنصرة. المواطنة حق فطري مكتسب والولاء والانتماء خطوط أمن وطني حمراء لا تقبل حتى اللون البرتقالي أو البنفسجي. المواطنة والولاء والانتماء قرار الفرد الذي لا ينازعه حوله أحد بينما الشراكة الوطنية في البناء التنموي والإداري قد تظل رهناً لنرجسية تكتل أو ـ تابوه ـ أو ـ جيتو ـ منظومة تريد أن تستأثر وحدها بالقرار الإداري أو تتوجس خيفة على رعاية مصالحها الضيقة. قياس المواطنة والولاء والانتماء لا يعني أن معالي الوزير أكثر وطنية وانتماء من سائقه الخاص. الفوارق ما بين الاثنين هي في مقدار الفرصة في الشراكة الوطنية الفاعلة. اسحبوا مثال الأفراد في هذين على الدائرة الأكبر.