في الثالثة فجر الاثنين استيقظنا على طرق شديد متواصل على باب بيتنا، "خير اللهم اجعله خير". فتحت الباب إلا وعلي ابن جارنا يصيح بي: عفاريت تأخذك، بسرعة أبعد سيارتك من مكانها، محول الكهرباء شب نار!

في العادة تنطفئ الكهرباء كثيرا في الصيف ومع الأمطار وبقدر انطفائها تنطفئ فينا أشياء ثمينة ومشاعر طيبة! لكن محول الكهرباء المتربع فوق زاوية جدارنا من ربع قرن يزيدنا غيظا وحنقا، فهو لا يفرق بين شتاء وصيف، ولا ينقضي شهر دون أن نسمع، مرة أو مرتين، فرقعته العالية قبل انطفائه، تضاعف عدد البيوت التي يوزع عليها حمولته ثلاث وأربع مرات وهو لم يتغير، أصلحوه مئات المرات وتعطل مئات المرات، وفجر الاثنين اشتعل نارا. وليس وحده بهذه الميزات.

هرولت نازلا لأبعد السيارة وعلي انشغل بإطفاء لهب تحت المحول وفي الأعلى ألسنة النار تتموج ببرود أعصاب لا يشبهه إلا برود المسؤولين عن الكهرباء، لا يمكننا الصعود لإطفائها وبقينا ننتظر المعجزات.

خرج جاري إبراهيم من بيته يتدحرج بين رجليه ثلاثة أطفال يفركون عيونهم، وصل جارنا عبدالله مع سرية من صغاره، التمّ صبيان الحي، بينما صياح البقية يتعالى من البيوت وكأن أجفانهم موصولة بفيش الكهرباء.

عقدنا جلسة تشاورية عاجلة هل نبلغ المطافئ أم الكهرباء، تخلل الجلسة الكثير من الشتم والدعاء دون تمييز، اتفقنا أنه لا فائدة من التبليغ، طيب والحل؟.

نكتب شكاوى ومعاريض؟ أذلتنا الشكاوى والمعاريض بلا جدوى، لن نكتب ولن نشتكي خلاص ملينا وقرفنا.

أحد الفتيان الملاقيف من مدمني الفيسبوك قال ندعو لتجمع أمام المحافظة أو أمام فرع شركة الكهرباء! رفضنا فكرته ووبخه بعضنا. قال خلاص أنا أمزح، روحوا اكتبوا معاريض يا أهل المعاريض، وغادرنا بضحكة ساخرة.

يا أهل الكهرباء جميعا: نحن، المواطنين العاديين، لا نملك قدرة على قضاء الصيف في أوروبا. ولا نملك مولدات كهربائية في بيوتنا تعمل بمجرد انطفاء التيار. لكننا المواظبون أكثر من غيرنا على دفع الفواتير كاملة بكل رضا. لماذا تصرون على معاملتنا، نحن الجميلين، بهذه الطريقة القبيحة؟ لماذا تصرون على استفزازنا، نحن الأوفياء، بهذه الخدمة الخائنة؟ وحتى متى؟. للصبر حدود.