إذا التفت يمنيا أو يسارا وأنت في سوق "عكاظ" الرابع ورأيت عدة أشخاص يتحدثون أو يسيرون دخولا أو خروجا من أي مقر من مقرات السوق، فتوقع أن أحدهم على الأقل سيكون كاتبا صحفيا في إحدى الصحف السعودية اليومية، فالحضور الكثيف للكتاب الصحفيين وللإعلاميين بشكل عام اقتضى نقل بعض النقاشات وربما الهموم الصحفية التي عادة ما تكون في تجمعات إعلامية خاصة، إلى ردهات السوق، الذي لم يعد سوقا للشعر كما في عصره القديم قبل أكثر من ألف عام، حيث تحول إلى سوق للمسرح والرواية والتاريخ وربما الإعلام والصحافة.
ففي اليوم الأول للفعاليات تشعب الحديث عن هيئة الصحفيين السعوديين ودورها في إحدى حافلات نقل ضيوف المهرجان، بعد أن التفت نائب رئيس تحرير إحدى الصحف المحلية (عضو في مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين) فرأى زميله في إدارة الهيئة الذي يعمل مديرا لتحرير صحيفة أخرى، جالسا في المقعد الذي يليه، فتبسم وسلم عليه، وسأله عن أحواله، وهو ما دعا رئيس تحرير شهير كان يجلس بجوارهما إلى التعليق مازحا بأن "حرارة اللقاء بين العضوين تدل على أنهما لا يلتقيان كثيرا في الهيئة!". وهو ما فتح نقاشا ساخنا بين الجميع حول دور هيئة الصحفيين وما قدمته والمأمول منها.
ولم يكد يعود الجميع إلى فندق الاستضافة الرئيسي منتصف الليل حتى دار نقاش أسخن وأشمل عن واقع الرقابة في الإعلام السعودي وخصوصا الصحف الورقية وذلك في جلسة حوارية كان معظم حضورها من الكتاب الصحفيين ومديري تحرير الرأي في عدد من الصحف السعودية. وبالطبع كانت "الوطن" ودورها في النقلة النوعية في الإعلام السعودي محور جدل كبير بين أحد أبرز كتابها ومعه بعض المعجبين بطرحها منذ أن بدأت قبل عشر سنوات، وبين بعض الكتاب ومديري التحرير في صحف أخرى، مما حول الحوار "الساخن" إلى تقييم عام لوضع الصحافة المحلية ومستقبلها وهمومها اليومية.
عدد من الحاضرين خلصوا إلى أن مهرجان سوق عكاظ" أصبح ملتقى مهما لهم وللمثقفين بشكل عام لـ"يتعاكظوا" بحرية وشفافية في جميع القضايا، وهو ما يؤكد نجاح فكرته التي لم تعد احتفاء بتاريخ مضى، بل هو بوابة لمستقبل أجمل كما عبر أحدهم بعد أن هدأت الأصوات.