قال عالم الأحياء الألماني يورج بليش إن الإنسان يمكنه أن يؤثر على الموروثات الجينية ويتحكم في حياته، مشيرا إلى أن الجينات ليست جامدة وثابتة، ولكن يتم توجيهها في جسم الإنسان من خلال بنيتين إحداهما مجموعة ميثيلية، والأخرى مجموعة أسيتيلية وهو فرع من الأحياء يتخصص في دراسة التغيرات التي تطرأ على الصفات الوراثية للخلايا وهو علم آخذ في الازدهار. وقال في كتابه "الجينات ليست قدرا، كيف نؤثر على موروثاتنا الجينية ونتحكم في حياتنا؟ إن "الأم تعتبر أول من يمكن أن يؤثر في التغير الجيني للإنسان، حيث تبين من خلال التجارب على الفئران أن تعاطي المرأة الحامل للكحول يخفض على سبيل المثال على المدى البعيد نشاط ثلاثة جينات مسؤولة عن النمو وثلاثة أخرى مسؤولة عن تطور الأعصاب".
وعندما تغمر أمهات الفئران أبناءها بالحنان عقب ولادتهم وتلعق أجسامهم كثيرا فإن هذه الفئران تصبح فيما بعد أقدر بكثير على مقاومة الضغوط العصبية من الفئران التي لم تعتن بهم أمهاتها بالشكل الكافي. وتبين أن ذلك لم يكن له صلة بما إذا كان الأصل الجيني لهذه الفئران هذه الأم أو تلك. وحسب مؤلف الكتاب فإن رياضة التأمل وتمرينات اليوجا يمكن أن تغير المخ ضد الضغط العصبي حسبما أظهرت أشعة الرنين المغناطيسي لدى المتطوعين، حيث تبين حدوث تغير إيجابي على منطقة التعلم لدى الفئران بعد خضوعها للتعليم والتدريب على مدى ثمانية أسابيع، حيث قامت الفئران المدربة جيدا بتفعيل جينات بعينها داخل خلاياها العصبية، مما أدى إلى تزايد الخلايا العصبية أيضا في منطقة التعلم بالمخ. وشدد بليش على خطأ استخدام الجينات الوراثية مبررا للإصابة بالسمنة أو بالسكر، وقال إنه من غير الممكن تقريبا التنبؤ بإصابة إنسان بالسكر بسبب اكتشاف جينات السكر المزعومة لديه، مشيرا إلى أن دراسة شملت 50 ألف امرأة أظهرت وجود علاقة واضحة بين السكر وكثرة مشاهدة التلفاز، وأن خطر إصابة امرأة بالسكر يتزايد بنسبة 14% عن كل ساعتين مشاهدة للتلفاز يوميا، وأن الأمر مشابه أيضا فيما يتعلق بالإصابة بالبدانة. وكان من المعروف بين الباحثين أن الحركة والتغذية الجيدة يمكن أن يغيران الجسم بشكل إيجابي، ولكن بليش شرح في كتابه كيفية حدوث ذلك من منظور علم الأحياء وذلك بطريقة بسيطة. وأكد بليش أن البحث العلمي لم يصل بعد لدرجة تمكن الأطباء من التدخل من خلال علم تغير الموروثات من أجل تفعيل جينات بعينها لدى الإنسان وتحييد أخرى.