بقدر ما يُشهد لوزارة الخدمة المدنية بالحياد والموضوعية في موضوع التوظيف في المملكة، يمكن القول إنها كغيرها من الوزارات التي تتماس مباشرة مع هموم المواطن ـ خصوصا في مجال التوظيف ـ ما زالت تعاني من تقادم نظامها، وإن طرأ عليه تغيير في بند هنا أو هناك، لكنه في مجمله ما زال نظاما يعيش في الماضي.
مشكلة وزارة الخدمة المدنية في نظري، ليست في أنها قد تحابي أحدا أو تتجاوز نظامها المعلن، فهي للحق من "أخلص" الوزارات في تطبيق نظامها بحذافيره وهوامشه ونصه وروحه. ولكن المشكلة هي في بعض نصوص النظام التي يمكن وصفها بغير المنطقية وغير المنصفة، ولعلي أضرب هنا مثلا بنظام احتساب الخدمة السابقة للشهادة الجامعية. فعندما يحصل مواطن على مؤهل علمي كالجامعي مثلا، وهو على رأس العمل في القطاع الخاص، ويتقدم لمفاضلة أو مسابقة وظيفية بشهادته الجامعية، لا يحتسب له يوم واحد خدمه قبل هذه الشهادة على الرغم من أنه مسجل في نظام التأمينات الاجتماعية، حتى وإن كانت شهادته في التخصص نفسه الذي يعمل به في القطاع الخاص أو قريب منه، وحتى وإن بلغت خدماته بعد الشهادة الثانوية عشرات السنين.
هل يعتقدون أن الشخص الذي قضى سنوات من الكد والتعب واكتساب الخبرات العملية الكبيرة، كان يتسلى مثلا؟ أو لم يكن يعمل في أجواء صعبة وظروف ضاغطة يمارسها معظم أرباب القطاع الخاص على موظفيهم؟
حسب علمي فإن هذا البند في نظام الخدمة المدنية كان وما زال من البنود التي لا تشجع الشاب الذي لم يكمل دراسته الجامعية على الانخراط في القطاع الخاص، وإكمال تعليمه في الوقت نفسه، فهو يعرف مسبقا أنه لو خدم 20 سنة ثم حصل على شهادة بكالوريوس وتقدم بها لوظيفة حكومية فإنه يعتبر بدأ من الصفر، فإن كان مستحقا للمرتبة التاسعة أو العاشرة بناء على سنوات الخبرة الموثقة في التأمينات الاجتماعية مضاف إليها الشهادة الجامعية، فإنه سيعامل كالخريج الجديد ولا يعطى إلا المرتبة السادسة.
وسؤالي هنا: هل هذا النظام منصف وعادل؟ أم أنه يحتاج إلى إعادة نظر؟.