بصدر رحب، حاور النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، منسوبي جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، من أعضاء وعضوات هيئة التدريس والطلاب والطالبات، مساء أول من أمس، خلال رعايته للندوة العملية الأولى ضمن برامج "كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي".
وجاءت ردود سمو الأمير نايف في الحوار المفتوح على أسئلة المداخلين شفافة ووافية، وهي كالتالي:
لقد وجهتم يا صاحب السمو في اجتماعكم مع أمراء المناطق بإنشاء أندية للشباب ليتمكنوا من قضاء أوقات فراغهم فيها، يحافظون من خلالها على شخصيتهم المعتدلة ويعبرون من خلالها عن ولائهم وحبهم لوطنهم، فهل نسمع من سموكم توجيها كريماً للجهات المعنية بالمباشرة في إنشاء هذه الأندية؟.
هذا الأمر نوقش في اجتماعي مع أمراء المناطق في 19 رمضان الماضي وأشبع بحثاً حينها، وثمة قناعة أنه لابد من ذلك، وقد رأينا أنه لابد من إقامة أندية للشباب، وذلك بالتشارك بين الدولة والقطاع الخاص ضمن قواعد معينة وبرعاية القيادة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وقد رفعت بذلك إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين، وأثق بأن ذلك سيكون محل اهتمامه وعنايته.
وأندية الشباب موجودة في جميع أنحاء العالم غير أنها غير موجودة عندنا، وفكرتها هي أن يجد الشباب مكاناًُ مناسباً يقضون فيه أوقاتهم بأمور جيدة تشحذ أفكارهم بما هو مفيد وصحيح وتنمي مواهبهم وتقوي أجسادهم، ويجب أن تحتوي الأندية كل ما هو مفيد للشباب، وذلك ضمن الضوابط التي تؤكد أننا أمة ذات عقيدة، وهذه الأندية ستسد أوقات الفراغ عند الشباب.
صاحب السمو، إن إنشاء الكراسي العلمية يزيد من تقدمنا العلمي ويساهم في رفع مستوى الثقافة خاصة ونحن نواجه فكرا متطرفاً، وكرسي الاعتدال لابد أن يساهم في الأمن الفكري ومواجهة التطرف، فما هي وجهة نظر سموكم في ذلك؟.
إن هذا الأمر مطلوب، ومكانه الصحيح هو جامعاتنا التي نعتمد عليها في تخريج شبابنا الذين هم عماد المستقبل، ولا شك أنها قامت بدور كبير ووفقت في ذلك، ونحن في هذا المساء نتعامل مع هذه المسألة المهمة التي تقوم بها جامعة الملك عبدالعزيز وهي قضية الاعتدال، لذلك نشكر الجامعة على جهودها ونشكر أعضاء هيئة التدريس وجهازها العلمي الإداري، وقيامها بمهام كرسي الأمير خالد الفيصل كبداية مفيدة، وقد يكون كرسي الأمير خالد الفيصل خطوة أولى نحو تبني جامعاتنا لهذا النهج، ونحن لدينا الكثير من الكراسي الجامعية في مختلف جامعاتنا، وهي تقوم بدراسات علمية لإيجاد حلول لمشاكل الأمة، ولا شك أن تبني جامعة الملك عبدالعزيز لمنهج الاعتدال أمر مهم وموفق، وسنجد آثاره في مجتمعنا، من دون أن ننسى أن مجتمعنا والحمد لله له أخلاقياته وتربيته التي أساسها أخلاقيات المسلم، وهذا هو نهج الملك عبدالعزيز وما ثبته بعده ملوك المملكة، ولا يسعني إلا أن أشكر هذه الجامعة كما أشكر دعم الأمير خالد الفيصل لها في مهمتها، والتي تعمل فيها لخير أمتنا لتأخذ مكانها اللائق بها بين الأمم في كل المجالات، والتي تتباهى بها الأمم، ونحن عندنا الكثير من العلم، ولكننا نريد المزيد القائم على الدراسات العلمية وليس على الاجتهاد.
كيف ترون دور المرأة في نشر ثقافة الاعتدال، لا سيما أنها قد استخدمت من قبل الفئة الضالة في عمليات إرهابية، وما هو توجيه سموكم لها؟.
إن المرأة جزء مهم من المجتمع، والواجبات لا تفرق بين رجل وامرأة، والمطلوب من نسائنا أن يقمن بواجبهن من خلال الانتباه إلى أبنائهن، وهي المعنية بتنشئة الأبناء، وكم أصلح الله أبناء بصلاح أمهاتهم، ثم إن الإسلام أوصى بالمرأة خيرا، فمجتمعنا يقدر المرأة، فهي الأم والأخت والابنة والزوجة، ومن يدّع أن المرأة أقل شأنا من الرجل فهو مخطئ، مستشهداً بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، حين قال "أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك"، ودخلت بعض النساء في بعض الأعمال الإرهابية، لكنها حالات محدودة.
ما هو توجيه سموكم فيما يخص دور الإعلام ووزارة التربية والتعليم، ورئاسة الشباب في تحقيق مفهوم الاعتدال، وهل هناك تقصير في دور تلك الجهات؟.
لا يمكن أن نصف تلك الجهات بالمقصرة فقد قامت بدورها، ولكن أمامها الكثير لتقوم به، وليس من الإنصاف أن نلقي بمسؤوليات كبيرة على هذه القطاعات من التعليم العام إلى التعليم الجامعي العالي.
والإعلام، هو وسيلة فاعلة في العصر الحديث، ونعرف جميعا أن الإعلام يستطيع أن يقلب الأبيض إلى أسود والأسود إلى أبيض، وإعلامنا يقف وراءه رجال صادقون على مستوى من العلم والمعرفة، والتخصص العلمي في مجالهم.
وفي جانب رعاية الشباب، إن لها دورا كبيرا، ولها مدلولاتها ويجب أن تقوم بواجباتها في هذا المجال، وليس في مجال الرياضة، فهناك جوانب أخرى، وهي رعاية الشباب، بحيث تكون هناك نواد للشباب، وقد لا حظنا للأسف أن النشاط الثقافي، كان موجودا وقل نشاطه، وآمل أن تعود هذه النشاطات إلى أفضل مما كانت عليه.
صاحب السمو، منهج الاعتدال هو النهج الذي سارت عليه هذه البلاد، والتطرف أمر يحدث هنا وهناك، والقيادة الرشيدة في طريقة المناصحة للفئة الضالة، وهناك من يظهر في وسائل الإعلام من أبناء جلدتنا، ويحاول أن يهجم بالنقد الذي يستهدف الثوابت، بعيداً عن النقد البناء، فما هي الوسيلة من وجهة نظر سموكم في مواجهة مثل هؤلاء؟.
هؤلاء أعمالهم مذمومة، خصوصاً أنهم يدعون الجهاد باسم الإسلام، وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام، وللأسف أن هناك من يغرر بشبابنا وبعض الشباب في بعض الدول، حتى يبدلوا أفكارهم بأفكار ضالة وخاطئة منحرفة، ويدعون أنها الطريق إلى الجنة.
هل يعقل،أن الإنسان يقتل الأبرياء من المسلمين، بدون ذنب، فالقاتل مسلم، والمقتول مسلم، وهذا ما يرفضه الإسلام، لذلك بجانب مواجهة هؤلاء الضالين، عمدت الدولة بقيادة حكيمة، إلى أن تفتح باب المناصحة لعل الله يهدي البعض منهم، ويعودوا إلى الصواب ويبتعدوا عن التطرف، وأن ما حدث في بلادنا من تطرف وهو محدود، ولله الحمد والمنة، عطفاً على الدور الكبير الذي كشف عن العديد من العمليات الإرهابية. وأي جهاد يتحدثون عنه، وقد قتلوا أبرياء وهدموا مساكن يمتلكها مواطنون، وبما أن الواقع يثبت أن بلادنا مستهدفة أكثر من أي بلد آخر، من بعض أبنائها وشبابها الضالين، الذين لهم أسر كريمة وفاضلة، لكن شذوا عن ذلك واتبعوا الشيطان واستجابوا للمضللين، ويدعون الدعوة إلى الإسلام، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.
وقد تعرضت البلاد، إلى نحو 240 محاولة إرهابية، أفشلتها الأجهزة الأمنية السعودية، بضربات استباقية، ولم ينفذ منها سوى عدد قليل لا يتجاوز الـ 10 عمليات، موضحاً أنه تتم محاكمة من تورط في فعلها تحت يد العدالة وأمام القضاء الشرعي الإسلامي، ليقول كلمته، ويحدد ما يجب أن يعاقبوا به.
وأمام هذه الأعمال الإرهابية المتطرفة، لم تنس القيادة الرشيدة، أسر هؤلاء وشملتهم بالرعاية والإعانات المالية والدعم المعنوي، حتى يكونوا في الوضع المناسب، وطبعاً أسر الشهداء الذين يحظون برعاية مميزة، من حيث تأمين المساكن والرواتب الشهرية التي تكفل لهم العيش الكريم.
نحن نتعامل مع هذه الأمور المحدثة بأسلوب وطرق علمية، نتمنى ألا يأتيها الخلل، ونرجو أن نصل للنتائج المطلوبة بالتعاون مع الجهات المختصة المختلفة، ويشهد الجميع أن المملكة أفضل دولة تحارب الإرهاب.