مازالت الإجابة غائمة عن السؤال الأهم والأكبر: من نحن؟ من نحن في هذا العالم المتسارع في تنميته وتطوره وصناعاته؟ من نحن كأفراد، قبل أن نكون مؤسسات؟ تساؤلات أساسها "من نحن؟" ونهايتها إجابة قد تقود لعملية تنموية أسرع، يشارك فيها الفرد, شريطة أن يتخلص من كل العقد المرتبطة بذهنه في حياته اليومية.
ألف إشكالية وإشكالية يواجهها الفرد السعودي, تساؤلات مميتة في كثير من الأحيان, ومناطقية تضرب بأطنابها في النقاشات وحتى مشاريع تبني الشباب المبدع. هل نريد أن نصل إلى العالم الأول حقاً؟ نعم نريد ونستطيع, لكننا في عام 2011م, وما زلنا نفكر في بديهيات تجاوزها العالم, حتى أفغانستان تجاوزتها, ولا أقول "حتى" هنا تحقيراً, بل مقارنة بدولة لا تمتلك من المقومات مثلما نملك, لكنها تغيرت رغم كل الظروف.
هل تقود المرأة سيارتها؟ هل يتعلم الطفل اللغة الإنجليزية؟ هل يحق للمرأة أن تعمل كاشيرة؟ هل يحق للموظف الحصول على وظيفة دون أن يحمل الملف العلاقي الأخضر؛ الذي أصبح نقطة تحول في حياة السعودي حين يتحول من طالب علم إلى طالب وظيفة؟
هل وهل.. إنها الأسئلة البديهية التي نتقاتل حولها, في الوقت الذي يخطط المواطن الأميركي أن يصعد إلى القمر سائحاً بتذكرة تبلغ قيمتها ربع مليون دولار.
من نحن؟ لا أحد يعرف! حتى نحن لا نعرف. والوحيد الذي يمتلك المعلومة هو العقل المغيب عن كل هذا, العقل الذي أشبعته النعرة والفوقية, ومحاولة تصغير الآخرين وتحجيمهم، العقل الذي يقاد بفكر غيره. العقل الذي حرم من نصيبه من التعليم بسبب المناهج التي تم تحديثها أكثر من مثيلاتها في العالم دون أن يحصد الطالب فائدة يستطيع من خلالها أن يكون شريكاً في التنمية.
السعوديون أذكياء, وينافسون في مجال البحث والمعرفة. وحين أُعطيت لهم الفرص أثبتوا أنهم علامة فارقة في مجالاتهم. والأمثلة عديدة على ذلك، ولا يمكن حصرها, ولعل أبرزهم في الأعوام الأخيرة الدكتورة حياة سندي, والدكتورة خولة الكريع، والدكتورة غادة المطيري.
لكن حتى هذه اللحظة, يجب التفكير في إجابة مقنعة عن السؤال الأكبر وأساس التنمية الذي منه ننطلق: من نحن؟