نستطيع أن نكتب ما شئنا من ديباجة مقالات النقد بحق الخطوط السعودية ومع الذين كتبوا، مثل ما معنا، كامل الحق، طالما كان ناقلنا الوطني يقدم لنا مشاكله مثل كرة في ضربة الجزاء أمام حارس متواضع. كل كتاباتنا تشخص المشكلة لكنها لا تغوص في الحلول، وجل الكتابة عن الخطوط السعودية لا تدرس الظروف المحيطة الخارجة عن إرادتها ولا تذكر القراء أن الخطوط السعودية ضحية لما حولها من الوقائع والحقائق. أولها، أن الخطوط السعودية ضحية هيئة الطيران المدني التي نامت لثلاثة عقود كاملة دون أن تضع طوبة في مطار جديد وعلى – السعودية – أن تشتغل في بيئة متهالكة وهذه الطوابير المتكدسة بالأرتال في ردهات المطارات المختلفة هم ضحايا هيئة الطيران المدني ولكنهم يرفعون عقيرة أصواتهم نحو الوجهة الخطأ طالما كان موظف – السعودية – هو التلقائي المواجه المباشر. ثانيها، مع المقاربة والمقارنة، فحين تطير – السعودية – إلى 25 مطاراً داخلياً فإن كافة شركات الخليج التي نحب المقارنة دائماً معها لا تعمل إلا على رحلات دولية خالصة، وتعمل تماماً وفق القواعد الاقتصادية للسوق وتبيع مقاعدها بحسب سعر – الخراج – الذي يناسبها وتفرض على زبائنها ثقافة السفر التي تتناسب مع هامش الربح. والخيار، أما أن نقبل بناقلنا الوطني على أنه مؤسسة عامة من المال العام، أو أن نقبل بشروطه كي يتحول إلى فكرة اقتصادية تعمل وفق قواعد السوق وهامش الربح بكل ما لهذا من ضريبة. السعودية تنقل في العام الواحد ملايين الطلاب بنصف التذكرة، والسعودية تطير بين محطاتها الداخلية بنصف مقاعدها المشغولة بالأطفال تبعاً لحجم العائلة السعودية. الطالب يسافر ما بين أبها وجدة بـ(200) ريال، بينما سعر الدرجة الثانية على القطار ما بين باريس وجنيف (نفس المسافة) يصل إلى (980) ريالاً بسعر هذا النهار، وهذه الحقائق ثابتة على الشبكة. نعم، من حقنا محاسبة السعودية على أي حقائق واضحة للإهمال والفساد، ولكن من حق الحساب أيضاً أن تعمل هذه الخطوط وفق قواعد السوق إذا ما أردنا لعللها المزمنة أن تصح، وإلا فهي ستبقى مؤسسة ضمان اجتماعي تضمن السفر لكل المطارات ولكن ليس بأسعارها، بل بالأسعار التي تناسب الطالب وحجم العائلة. هذه الحقائق لا تأخذ ناقلنا الوطني للفشل، بل ستفشل أي مشاريع أخرى للمنافسة في هذا السوق، لأنني أتحدى أن تقبل شركة طيران بالدخول لسوقنا الداخلي في هذه الظروف التي تعمل فيها خطوطنا السعودية. أعرف أنني أسبح ضد تيار ولكن: حاسبوني على كل حقائق هذا المقال. إنها حقائق السوق.