بعد أول "قفزة برغوثة" في ديسمبر 2009، وأول "طيران حقيقي" في أبريل 2010، وأول "طيران متواصل في الليل والنهار" في بداية يوليو الماضي، خرجت الطائرة الشمسية "سولار إمبالز" مِن عشها في المطارات العسكرية لتهبط وتقلع للمرة الأولى في مطارين مدنيين دوليين، وتحديداً في مطار جنيف (جنوب غرب) وزيورخ (شمال شرق) سويسرا.

في "قفزة البرغوثة" ارتفعت الطائرة عن سطح مدرج مطار دوبندورف ما بين 60 سنتمتراً ومتر واحد، وفي "الطيران الحقيقي" حلَّقت النسخة المعدلة "سولار -1"، فوق أجواء مطار بايرن على ارتفاع 1200 متر لمدة ساعة و27 دقيقة، وفي "الطيران المتواصل" حلقت نسخة متطورة "سولار - 2" لمدة 26 ساعة و10 دقائق، أكثر بساعة وعشر دقائق مِن الوقت المرسوم لها وكان مازال بمقدورها أن تطير ست ساعات أخرى.

أما الآن فقد خرجت الطائرة مِن أجوائها التقليدية لتخوض تجربة التعامل مع المطارات الدولية تمهيداً لتنفيذها أول جولة حول العام مِن المقرر أن تتوقف خلالها في خمسة مطارات مدنية بعد عام مِن الآن على أدنى تقدير، طبقاً لما هو مُقرَّر.

وفي إطار الاستعداد للجولة العالمية هبطت الطائرة الشمسية بعد ظهر الثلاثاء الماضي بمطار جنيف قادمة مِن مطار بايرن بعد رحلة طيران استغرقت أكثر بقليل مِن 4 ساعات، بسرعة بلغ متوسطها 50 كيلومتراً في الساعة، على ارتفاع بين 150 و300 متر. بعد ذلك عادت الطائرة على الفور إلى قاعدتها العسكرية في مطار بايرن. وقد كانت رحلة الإياب أسرع حيث لم تستغرق سوى ساعتين و6 دقائق.

ما إن هجعت الطائرة في مقرها بمطار بايرن العسكري (نحو 14 ساعة) حتى أقلعت صباح الأربعاء الماضي في رحلة إلى مطار زيورخ استغرقت 6 ساعات. بعد 20 دقيقة مِن بقائها في أكبر مطار سويسري، قفلت الطائرة عائدة إلى بايرن لكن في رحلة لم تستغرق هذه المرة سوى 3 ساعات ونصف.

وعن هاتين الرحلتين، وصف قائد الطائرة، أندريه بورشبيرك، في مؤتمر صحفي عقده بجنيف أمس، لدى هبوطه على أول مدرج مدني بأنها "لحظة عظيمة". وقال: كانت الرحلتان سلستين على الرغم مِن ارتجاج الطائرة عدة مرات في الجو بين بايرن وجنيف. ووصف طائرته وهي تقترب مِن الطائرات العملاقة في المطارين بـ "عصفور هش مع جناحين لا ينتهيان وجسم صغير."

وأضاف: مع هذا الهبوط في مطارين دوليين والانغماس بقواعد الطيران المدني يكون برنامج الطائرة الشمسية "قد تركَ مرحلة الطفولة المُبكرة ليدخل مرحلة المُراهقة." وقال: كانت الطائرة حساسة جداً أمام الريح القريبة مِن الأرض حتى وإن بلغت سرعتها 20 كيلومتراً في الساعة، لكن بالمقابل فقد قاومت جيداً الريح في الجو التي وصلت سرعتها إلى 80 بل 100 كيلومتر في الساعة.

مِن جانبه قال صاحب مشروع الطائرة، بيرتراند بيكار، في المؤتمر الصحفي نفسه: لقد أثبتنا أنَّ بمقدورنا الهبوط في المطارات المدنية دون مشاكل. وقال إن المطارين لم يوقفا حركة النقل الجوي سوى ما معدله 10 دقائق خلال هبوط وإقلاع الطائرة.

ويتهيأ فريق الطائرة الشمسية الآن لتنفيذ الرحلة العالمية في وقتٍ ما مِن عام 2011. وقال بيكار إن الطائرة ستحقق "قفزتها الكبيرة" بعبور الأطلسي لتنفذ بذلك دورة كاملة حول الأرض دون قطرة وقود واحدة. ومِن أجل تحقيق هذا الهدف والطيران بشكل متواصل لمدة خمسة أيام وخمس ليال لابد مِن صنع طائرة أخرى. وأكد بيكار أن العمل جار الآن على صنع هذه الطائرة. ويبلغ طول جناح الطائرة ما يُعادل طول جناح طائرة إير باص "آيه 340"، أي ما قدره 63.40 متراً، لكن وزنها لا يتجاوز 1,6 طن، وهو وزن سيارة متوسطة الحجم. وهناك 12 ألف خلية شمسية تُغطي جناحي الطائرة تقوم بتغذية 4 محركات كهربائية بطاقة شمسية قصوى تبلغ قوتها 40 حصاناً (10 أحصنة لكل محرِّك) خلال النهار. أما الطاقة الفائضة فتقوم بإعادة شحن نضائد المحركات كي تسمح للطائرة بالطــيران خـلال الليل.