يفاجأ الأبوان أحيانا بطفلهما وهو يستيقظ من النوم فزعا أو فرحا لاهثا، ليحكي ما رآه من حلم أو كابوس في منامه، فيما قد يواجه الأبوان ذلك في معظم الأحيان إما بالصمت والاكتفاء بسماع قصة ذلك الحلم، أو بتطمين الطفل وإخباره بأن تلك لا تعدو كونها أحلاماً تنتهي بمجرد استيقاظه، إلا أن هذه المشاهد والرؤى والأحلام التي يراها الطفل تظل تقبع في ذاكرته ولا ينساها، بل قد يستعيدها بعد كبره باحثا عمن يؤولها له.

ومن جانبها تقول مروة علي الغامدي وهي أم لأربعة أطفال "أطفالي في سن معينة، وهي ما بين الخامسة حتى الثامنة، تتردد عليهم بعض الرؤى المفزعة أو ما يسمى بالكوابيس، وكنت أواجه ذعرهم منها دوما بتهدئتهم وإخبارهم أنها مجرد أحلام لا معنى لها، إلا أنها بعد أن استمرت كثيرا قام والدهم باستشارة طبيب نفسي، والذي بادره بالسؤال هل أنت ووالدتهم تتشاجران أمام الأطفال، فرد الأب بالإثبات، وهنا أكد الطبيب أن تلك الكوابيس ما هي إلا تفسير للحالة النفسية التي يعيشها الأطفال أثناء تعرضهم للخوف من شجار الأبوين أمامهم"، مبينة أنهما عندها قررا عدم التشاجر مجددا أمامهما، فاختفت فعليا تلك الكوابيس.

وروى عبد الله الشهراني حلما كان يراه حين كان طفلا، وما زال يتذكره، على الرغم من مرور أكثر من 32 سنة عليه، وهو تكرر رؤية ذاته دوما يطير أو يصعد لقمة جبل، أو لقمة هضبة، والناس ينظرون له من أسفل معجبين بمكانه، مشيرا إلى أنه حين كبر قام بتأويل تلك الرؤيا التي كانت تتكرر عليه حين كان طفلا بواقع مرتين في الأسبوع، مما جعلها تعلق في ذهنه حتى كبر، وكان التأويل أنه سيعتلي مكانة اجتماعية يغبطه عليها الجميع، فيما تأكد من ذلك بعد التحاقه بالدراسات العليا التي تدرج فيها حتى اعتلى منصب مدير لإحدى الشركات الكبرى.

وبين محمد الحربي أنه كثيرا ما يسمع أطفاله يودون أن يحكوا له ما رأوه في منامهم، باحثين لديه عن تفكيك لرموز تلك الرؤى، إلا أنه ـ كما يقول ـ لا يعير أحلام الأطفال اهتماما، فهي مجرد حكايات يريد بها الطفل التنفيس عن طاقته.

ومن جهته أكد مفسر الأحلام والمشرف على موقع "تعبير" لتأويل الرؤى جميل الحواس لـ"الوطن" أن رؤى الأطفال تقع، والدليل على ذلك رؤيا النبي يوسف عليه السلام التي رآها وعمره 12 عاما كما ذكر ذلك الإمام البغوي رحمه الله، وذكرت في قوله تعالى "إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين".

وأشار إلى ضرورة الاستماع للطفل من قبل أبويه حين يقص حلما رآه أو أي شيء يريد التحدث عنه، لأن مجرد الاستماع للطفل يعتبر ذا فائدة وبُعد تربوي عميق، وليس بالضرورة تعبير تلك الرؤيا، فإن مجرد الاستماع ومشاركة الطفل اهتماماته مع تقديم النصح والتوجيه له، كفيل بتقوية الروابط العاطفية والوجدانية وبناء جسور المحبة بين الطفل ووالديه، فيعقوب عليه السلام والد يوسف لم يعبر تلك الرؤيا، بل اكتفى بإرشاد وتوجيه النصيحة لابنه يوسف، فقال له "يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين".

ولفت الحواس إلى أن القرآن أثبت صحة رؤيا الطفل، وصدق تأويله، حيث قال تعالى "ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا"..

وأبان الحواس أن هذا دليل على وقوع رؤيا الطفل، وبناء على ذلك يجب على الآباء عدم تجاهلها، لأنها من طفل، وإن لم يتم تعبيرها ، وإنما من المفترض الاستماع للطفل وتوجيهه ونصحه فيما يتعلق بها .