تعاقب السنوات التي نحتفل فيها بذكرى اليوم الوطني، يجعلنا نتذكر كذلك أسماء أسهمت بفاعلية وأثر كبيرين في تشكيل النسيج الوطني من خلال ما قدمته من قدرات ريادية، وثقافية، واقتصادية، قادت المجتمع عبر فئاته إلى حالة من الرخاء والنماء.

واستطلعت "الوطن" آراء عدد من الكتاب والفنانين في الذاكرة الوطنية حول الشخصيات التي أسهمت بفعالية في البناء الوطني، حيث قالت الإعلامية سفيرة النوايا الحسنة لدى اليونسكو منى أبو سليمان إن الاحتفاء بالمواطنين الذين ساهموا في التنمية الوطنية هو أمر في غاية الأهمية، منبهة إلى أنه "يمكن أن نتحدث عن الذين عملوا ولم ينتبه إليهم أحد".

ونوهت أبو سليمان بأسماء عدد من الفاعلين ـ من وجهة نظرها ـ هم الشيخ صالح كامل، والدكتور سلمان العودة، والدكتورعبدالوهاب أبو سليمان، والشيخ وليد البراهيم، والدكتورغازي القصيبي، وأحمد الشقيري.

ويمكن اعتبار اختيارات منى أبو سليمان بأنها ذات مغزى في الوجدان الوطني، ولا أحد يشك بما أنجزوه على الصعيد الوطني، فالشيخ صالح كامل من مؤسسي البنوك الإسلامية ومساهم أولي في إطلاق الإعلام الفضائي العربي، وعمل على إنجاز برامج تنموية كبيرة من خلال شركة دلة البركة.

أما الدكتور سلمان العودة فيرتبط ذكره بالتيار الصحوي الإسلامي كداعية تنويري، ساهم مؤخراً في تعزيز الوسطية والاعتدال، في حين أن الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان ارتبط اسمه بالاعتدال في وقت مبكر يوم كان التيار الإسلامي المتشدد يقبض على ناصية الإعلام، وهو من أطلق شعار" فتح باب الذرائع بدلاً من سدها" وهو ما يعكس رؤيته التنويرية المتقدمة، والتي كان من الصعب الإفصاح عنها من غير رجل من هيئة كبار العلماء مثل الدكتورعبدالوهاب أبو سليمان

وعن الوليد البراهيم يمكن الإشارة إلى أنه أول عربي يطلق قناة فضائية مستقلة هي mbc، وهو إنجاز لا يمكن إغفال تأثيره على الثقافة السعودية والعربية، وجاء إطلاق mbc في وقت كانت القنوات التلفزيونية محتكرة من قبل الإعلام الرسمي، الأمر الذي فتح نافذة حرة لتلقي المعلومات من مصادر غير رسمية، وفتح الباب واسعاً لتقدم ونمو الفضاء التلفزيوني العربي.

وفي حال الدكتور غازي القصيبي الذي اختير من أكثر من شخص، فهو شخصية غنية عن التعريف، ولا تزال ذكراه طازجة في الذاكرة حيث انتقل إلى رحمة الله تعالى في رمضان المنصرم.

أما أحمد الشقيري الذي اختارته منى أبو سليمان بصفته شخصية وطنية ساهمت بفعالية في بناء الوطن، فقد يكون اختيارها لاعتبارات شبابية باعتبار منى أبو سليمان ممثلة لجيل من الشباب الذي يدعو إلى التغيير الثقافي في مستواه الشعبي، وهذا هو ما يقوم به أحمد الشقيري الذي أصبح رائدا في مجال الإعلام الموجه إلى الشباب بصورة خاصة.

واختار الروائي عبده خال الفنان محمد عبده إلى جانب غازي القصيبي، ومحمد علي رضا زينل، وهو اختيار روائي بامتياز، وقال عبده خال "إن محمد عبده يمثل ذاكرة وطنية لأجيال عديدة، وهو ضمير الغناء السعودي"، عادا إياه مدرسة سعودية تأثر بها العديد من الفنانين السعوديين وغير السعوديين، لذلك فإن ما قدمه للوطن هو في مصاف الإنجازات الكبيرة العالقة في الذاكرة الوطنية.

وقال عن غازي القصيبي "هو شخصية تنويرية شاركت بالكثير من الإنجازات على الصعيد الوطني، واسمه سيبقى في ذاكرة الأجيال كواحد من مهندسي الكلمة شاعراً وروائياً، ووزيراً قاد مؤسسات الدولة بجدارة واقتدار".

وحول اختياره مؤسس دار الفلاح الشيخ محمد علي زينل أوضح أنها إحدى أهم المدارس التي خرجت أجيالا من المفكرين، والأدباء السعوديين والأهم من ذلك أنها خرجت العشرات من المثقفين الذي أداروا مؤسسات الدولة؛ ولأن المدارس باقية منذ تأسيسها عام 1323، وتقوم بدروها على أكمل وجه، والدليل على أهمية هذه المدرسة أن الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ أمر إبان الأزمة المالية التي مرت بها دار الفلاح أن يجبى ريال واحد عن كل بضاعة تدخل المملكة لصالح تمويل هذه المدارس.

من جهته اختار الروائي عبدالعزيز الصقعبي الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين، ومحمد سرور الصبان، ومحمد عمر توفيق، والدكتور غازي القصيبي، وأحمد محمد علي، والدكتور عبدالله الربيعة، والدكتورة سلوى الهزاع، ورئيس تحرير جريدة الرياض تركي بن عبدالله السديري.

وقال "من الصعب أن تختزل وطناً في أشخاص، وعموماً، هناك أسماء كثيرة ساهمت بفعالية في بناء وطننا، من هؤلاء من أجمع الناس على حبهم، واحترامهم لتميزهم في تقديم صورة مشرقة ومتسامحة للإسلام من خلال مواقعهم"، مؤكدا أن على رأس هؤلاء فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين يرحمهما الله، وهنالك أسماء كان لها الحضور الثقافي، إضافة إلى ما تسنموه من مهام عملية من هؤلاء محمد سرور الصبان، ومحمد عمر توفيق، والدكتورغازي القصيبي.

وبين أن ثمة قائمة طويلة ومشرفة لرجالات الدولة الذين خدموا الوطن، وأخلصوا له كلُّ في مجاله، ففي الاقتصاد أحمد محمد علي، وفي الطب أسماء كثيرة إضافة إلى وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة، والدكتورة سلوى الهزاع، وأضاف "لا ننسى رئيس تحرير جريدة الرياض تركي بن عبدالله السديري الذي أسهم في إيجاد صحافة حديثة، ومتميزة من خلال رئاسته للصحيفة، ولجمعية الصحفيين السعوديين والخليجيين"، لافتا إلى أن الشخصية العاشرة ينطوي تحتها كل مواطن بسيط أخلص للوطن، وحارب الإرهاب والتطرف، من أولئك شهداء الواجب الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن.

واختار الكاتب المسرحي ياسر المدخلي أول وزير للنفط عبدالله الطريقي؛ لمساهمته في تعزيز القدرة الاقتصادية للمملكة، ومحمد بن لادن لإنجازاته في مجال إنشاء شبكة الخطوط المرورية الواسعة، وإنجازاته المعمارية في توسعة الحرمين الشريفين، والشيخ حسن عباس الشربتلي؛ لمساهمته في دعم قيام المملكة، ووقوفه إلى جانب المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، والمؤرخ والكاتب أحمد السباعي، شيخ الصحافة السعودية، لما أنجزه على المستوى الفكري.

وتقدم الدكتور غازي القصيبي اختيار الشاعر سعد الثقفي، وجاء الدكتورعبدالعزيز السبيل في المرتبة الثانية، ثم الدكتورة غادة المطيري، والدكتورة خولة الكريع، وانتهى الثقفي باختيار الشاعر محمد الثبيتي، يليه الروائي عبده خال.