يختصر الدبلوماسي والخبير في مجال مكافحة الإرهاب السفير السعودي علي بن سعيد بن عواض عسيري في كتاب صدر له بالعربية أخيراً جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب بـ"سياسة ذات استراتيجيات ثلاث هي: استراتيجية الوقاية، واستراتيجية العلاج، واستراتيجية الرعاية".

وتحت عنوان "الخطوط الإرشادية للسياسة" قال عسيري: "من أجل جعل محاربة الإرهاب فاعلة ومؤثرة وعملية تبنت المملكة العربية السعودية عدداً من الخطوط الإرشادية السياسية، مشيراً إلى أن هذه الخطوط الإرشادية هي نتيجة إدراك القيادة السعودية أن الجهل بمبادئ الإسلام وأركانه ومقاصد الشريعة إلى جانب تزمت الفكر وتعصبه تُكوّن جميعاً الأسباب الرئيسية التي تحفز النشاطات الإرهابية".

وأضاف عسيري: "تشمل الخطوط الإرشادية المحلية للسياسة تبني موقف ثابت وراسخ اعتماداً على الشريعة الإسلامية وسنة النبي الكريم والتزاماً بمكافحة الإرهاب بأنواعه ومظاهره كافة واتخاذ خطوات مناسبة لإيجاد (وتمكين) بيئة ملائمة لإدانة الأنشطة الإرهابية في مختلف مشارب الحياة ومجالاتها وإدخال لمناهج تعليمية على جميع المستويات الدراسية تؤكد مبادئ الاعتدال والتسامح وتقديم العون المعنوي والمادي لرجال الأمن الذين أوكلت إليهم مهمة محاربة الإرهاب ومنها المساعدة المالية للأسر التي تعرضت لخسائر في الأرواح أو الممتلكات أثناء مواجهة الإرهابيين وتقديم الدعم الطبي والمالي لجميع المواطنين والمقيمين الذين تأثروا بالإرهاب لتخفيف معاناتهم".

وتحت عنوان "استراتيجية ثلاثية الشعب" قال السفير عسيري: "تبنت المملكة العربية السعودية استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب تضم الوسائل العسكرية وغير العسكرية بالإضافة إلى محاربة الإرهاب بالقوة عبر الإجراءات الأمنية الصارمة وتطبيق القانون...".

وعن أولى الاستراتيجيات الثلاث أي "استراتيجية الوقاية" قال المؤلف: إن استراتيجية الوقاية تهدف إلى مد يد العون والمساعدة للجهود الساعية إلى "جعل المجتمع يدرك أخطار التفكير المنحرف والضال وتشجيع الوسطية والتفكير المعتدل وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وقد تم تبني عدد من الإجراءات الوقائية بوصفها جزءاً من هذه الاستراتيجية تشمل تشجيع رجال الدين على نشر الكتب وإنتاج شرائط التسجيل الصوتية لترويج الاعتدال في التفكير وتنظيم ندوات ومحاضرات ومحاورات لهذا الغرض، ورعاية البرامج الإعلامية التي تستهدف شرح أخطار التفكير المنحرف ونشر المفاهيم الدينية الصحيحة ومراجعة المناهج التدريسية وإعادة هيكلة المرافق التعليمية والتشديد على عدم وجود تعارض بين الهوية الإسلامية والهوية الوطنية...، وحث المواطنين على نقض وتفنيد مزاعم الجماعات الضالة عبر الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام والنشر".

أما في الثانية أي "استراتيجية العلاج" فقال عسيري: إن هناك مجموعة في وزارة الداخلية السعودية تدعى "اللجنة الاستشارية" تدير برامج إعادة التثقيف والمشورة والنصح. وأضاف أن المجموعة تضم أربع لجان فرعية هي اللجنة الدينية الفرعية التي تضم أكثر من 100 رجل من رجال الدين والعلماء وأساتذة الجامعات "وتتمثل مهمتها بالمبادرة إلى إجراء حوار مع المحتجزين لإزالة أي شكوك من أذهانهم وتنظيم دورات وندوات حول الموضوعات العامة المتعلقة بالفكر المنحرف".

أما اللجنة الاجتماعية والنفسية الفرعية فتضم نحو 30 من علماء الاجتماع وعلماء النفس والباحثين "وتتمثل مهمة أعضائها بتقويم المستوى الاجتماعي للسجناء وتشخيص مشكلاتهم النفسية...".

أما اللجنة الفرعية الثالثة وهي اللجنة الأمنية، "فتؤدي مهمات متنوعة تشمل تقويم حجم الخطورة الأمنية التي يمثلها السجناء وتقديم التوصيات المتعلقة بإخلاء السبيل والنصح والمشورة للسجناء فيما يتصل بالسلوك بعد إخلاء سبيلهم، ومراقبة السجناء ومن يرتبط أو يتصل بهم بعد مغادرتهم السجن".

وتقوم الرابعة، وهي اللجنة الإعلامية الفرعية، بمراجعة محتوى البرامج التي تبث عبر وسائل الإعلام "لضمان عدم وجود ما يضلل الشباب كما توجه رجال الإعلام وترشدهم في ما يتعلق بمقاييس ومعايير البرامج الإعلامية والتثقيفية المطلوبة. كما تركز على تقديم الخدمات الاجتماعية والتعليم وتستهدف الشباب السعودي".

وعن الاستراتيجية الثالثة أي "استراتيجية الرعاية" قال عسيري: "يتمثل الغرض الرئيس لهذه المرحلة من الاستراتيجية السعودية لمكافحة الإرهاب بالتنسيق، وتشمل جهودها ومساعيها التفاعل مع أولئك الذين أخلي سبيلهم ومع أسرهم وتوفير الدعم المالي والمعنوي لهم ولأسرهم وتنظيم برامج لإعادة تأهيلهم ومساعدتهم على التكيف مرة أخرى مع متطلبات المجتمع السعودي، والعثور على وظيفة، والاستقرار والزواج...".

وتناول المؤلف بالتفصيل الشؤون العائدة إلى مكافحة الإرهاب على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي في كافة المجالات الأمني منها والاجتماعي والمالي المصرفي وأمور كثيرة غير ذلك.

يذكر أن كتاب عسيري كتب أصلا باللغة الإنجليزية وصدر عن مطبعة جامعة أوكسفورد البريطانية وحمل عنواناً باللغة العربية هو (مكافحة الإرهاب.. دور المملكة العربية السعودية في الحرب على الإرهاب)، وصدر بالعربية عن الدار المذكورة وعن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت، وجاء في 192 صفحة متوسطة القطع.

ويعد المؤلف خبيراً في المجالين الدبلوماسي ومكافحة الإرهاب، حيث تخرج من أكاديمية الشرطة في الرياض والتحق بالمعهد الملكي للإدارة العامة في لندن كما اجتاز دورات أخرى في الإدارة الحكومية في عدد من الكليات والمعاهد الأمريكية والبريطانية شملت التدرب على مكافحة الإرهاب والمفاوضات المتعلقة باختطاف الرهائن وأمن المنشآت وأمن السفارات وإدارة الأزمات العليا.

ونال شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة برستن. ومن ضابط في الشرطة نقل إلى وزارة الخارجية وتسلم منصب المدير العام لإدارة الأمن الدبلوماسي، وترأس لجنة افتتاح البعثات الدبلوماسية السعودية في بلدان أوروبية وآسيوية.

وقد عين سفيراً لدى باكستان، ثم سفيراً لدى لبنان حالياً، وله عدد من الكتب في مجالات عمله واختصاصاته.