المجرم الذي قبض عليه في جدة بعد خطفه وانتهاكه لأجساد 13 طفلة يعمل كمعلم منذ أكثر من 15 عاماً.. لقد علمنا بعدد الصغيرات اللواتي اغتصبهن، لكننا لا نعرف عدد التلاميذ الذين اعتدى عليهم طوال خدمته معلماً لطلاب المرحلة المتوسطة.
السؤال هنا: كم معلماً وكم معلمة في مدارسنا لا نعلمهم هم مثله أو أسوأ منه؟ كيف لم تستطع وزارة التربية والتعليم اكتشافهم قبل أن يلقى القبض عليهم من وزارة الداخلية؟ لنصاب بالصدمة لحظة إبلاغنا بأنه معلم.
لاشك في أن هناك خللاً في النظام وإجراءاته منذ لحظة قبول هذا الشخص غير السوي طالباً في كلية التربية دون أن يخضع لأي اختبارات تتضمن معايير خاصة بالسمات الشخصية والنفسية، وقدراته التواصلية وميوله واتجاهاته وصحته العقلية والنفسية، مثل اختبار PPST = Pre-professional Skills Test، وهو اختبار يقام على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية. وهذه الاختبارات لا تحتاج لورش عمل تكلف الدولة قدراً كبيراً من المال، أو استيراد خبراء ليضعوها لنا، بل هي حصيلة تجارب دول أخرى، ومن السهل العثور عليها في مواقع كليات التربية العالمية، ولن نحتاج سوى استيرادها ومن ثم إعادة ترجمتها وجعلها موائمة لواقعنا ومتطلبات مجتمعنا، لكننا لا نفعل، نحن فقط نكتفي بالمظهر، وهو ما يبرع فيه الأشخاص غير الأسوياء، وغالباً يعملون عليه، ولكم أن تشاهدوا الأفلام التي سجلتها كاميرات المراقبة في الأسواق التي اختطف منها هذا المعلم المجرم ضحاياه لتروا كم يبدو مظهره أنيقاً ومحترماً. كذلك نحن لا نهتم بإجراء تقويم نفسي وشخصي للمعلم أثناء خدمته، فمن الممكن أن يصاب بالفصام مثلاً ويستمر في عمله، فهل بطاقة تقويم أداء المعلم التي تخرج من تحت يد مدير مدرسته تستطيع إخباري عن معلم أصيب بمرض نفسي قد يتحول معه إلى شخص مؤذٍ،ثم هل مدير المدرسة مؤهل وحده لإصدار حكم يخبرني فيه بأن هذا المعلم ممتاز وقادر وأهل للثقة، ولنتطلع جميعاً لما تفعله الدول الأكثر تطوراً منا في التعليم، فالحكمة ضالة المؤمن.
إن دولة كاليابان تقوم بتقويم معلميها كل أربع سنوات، ويخضعون لاختبارات لمدة أربعة أشهر يحصلون بعدها على الإجازة أو لا يحصلون، ومن يحصل يكافأ, سيقول البعض: لدينا رخصة المعلم، نعم لدينا مشروع عظيم اسمه رخصة المعلم، لكن حتام سيتم التداول بشأنه؟ وهل أعددنا قيادات حاسمة حازمة غير خاضعة للواسطة ولا لـ"تكفى ولا تقطعون رزقه" لتطبيقها, إننا نفتقد لأن نكون عمليين غير خاضعين للعاطفة، فمن نجامل فيه هو مستقبل طفل يجب أن يخرج للعالم رجلاً سوياً أو أنثى سوية.
في الخطة التنموية الثانية وضع هدف في مجال التعليم يقول: (أن ينال كل طفل سعودي التعليم الذي يستحقه)، فكيف يناله ونحن نعمل وفق نظام اسمه (لا تقطعون رزق أحد)، هذا النظام الذي يعمل تحت مظلته معلمون ومعلمات مرضى نفسياً أو جسدياً، وأحياناً كثيرة يحملون أفكاراً تدميرية ضد الوطن وضد المجتمع، يتركون تواقيعهم على مستقبل وتوجهات أبنائنا.
وانطلاقا من مقولة "إن الأطفال الذين نرسلهم في الصباح للمدرسة ننتظر أن يعودوا ومعهم المستقبل"؛ هل تفعلها وزارة التربية والتعليم وتجعلهم يعودون لنا ومعهم المستقبل؟