دخل الرئيس المصري حسني مبارك أمس على خط أزمة مشروع "مدينتي" السكني الضخم، حيث وجه خلال اجتماع وزاري بتشكيل لجنة قانونية محايدة، لحل مشكلة المشروع الذي دخل نفقا معتما، وتعرض لخسائر كبيرة، بعدما صدر حكم قضائي نهائي بتثبيت بطلان التعاقد الذي أنشئ بمقتضاه قبل أيام.
وقال رئيس الوزراء أحمد نظيف، عقب الاجتماع الوزاري أمس، إن مبارك وجه بتشكيل لجنة قانونية لحل قضية "مدينتي" حرصا على مصلحة المستثمرين وحاجزي الوحدات السكنية في المشروع.
ويعد تدخل مبارك لحسم قضايا مشروعات أو نزاعات منظورة أمام القضاء نادراً، لكن التداعيات الضخمة لقرار المحكمة القاضي ببطلان عقد "مدينتي" مثلت تحديا كبيرا للدولة المصرية، بالنظر إلى فقدان أسهم مجموعة طلعت مصطفى المالكة للمشروع نحو 20% من قيمتها بالبورصة، وتضرر عشرات آلاف الأسر من حاجزي الوحدات السكنية والعاملين في المشروع جراء الحكم، وتهديد بعض المتضررين والخبراء القانونيين برفع دعاوى تعويض ضد الحكومة المصرية في المحافل الدولية. وكشف مصدر حكومي أمس أن اللجنة سيترأسها أحمد كمال أبو المجد الخبير القانوني المعروف على أن تساعده مجموعة من كبار المحامين ورجال القانون.
وأضاف مصدر آخر أنه تم بالفعل الاتصال بأبو المجد أمس لمعرفة رأيه في تولي رئاسة اللجنة وأسماء من يرشحهم لمساعدته في القضية. وتوقع أن تتوصل اللجنة القانونية إلى حل نهائي بشأن أزمة "مدينتي" قبل نهاية العام الجاري.
وعقب تصريحات نظيف مباشرة، غير سهم شركة "طلعت مصطفى" في البورصة المصرية اتجاهه من الهبوط المطرد إلى الصعود، ليسجل ارتفاعاً بنسبة 6% عند تعاملات منتصف اليوم، معوضاً بعض الخسائر التي مُني بها على مدى اليومين الماضيين، ومتصدرا قطاع العقار نحو استعادة الخسائر التي أصابته جراء حال الغموض والارتباك التي سيطرت على القطاع بأكمله.
وأعلن نظيف عن توصل الحكومة لحل يركز على أربع نقاط أساسية ويضمن عدم تضرر الحاجزين والمستثمرين حسني النية، مشيرأ إلى أن هذا الحل سيناقش في مجلس الوزراء بعد غد، لكن يبدو أن التداعيات المتلاحقة للحكم وتأثيراته المحتملة في البنية العقارية والاستثمارية للبلاد دفعت مبارك إلى استباق الحل الوزاري.
وكانت المحكمة الإدارية العليا أيدت في 14 سبتمبر الجاري حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان عقد "مدينتي" مما أدى إلى حدوث قلق لدى حاجزي الواحدات السكنية في المشروع، كما انعكس سلبا على المستثمرين في أسهم الشركة بالبورصة.
وأوضح وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة أحمد المغربي أن عدد المتضررين في قضية "مدينتي" سيصل إلى 250 ألف أسرة، بالإضافة إلى 150 ألف عامل يعملون بالمشروع منذ بدايته، مؤكدا أن رئيس الوزراء "سيتعامل معهم بنظرة إنسانية ولن يتركهم نهائيا، فكل من يتعامل مع الدولة بحسن نية لن يصاب بأي ضرر، والإجراءات ستحدد ذلك".
وأبدى المغربي، في تصريحات صحفية مساء أول من أمس، قلقه من احتمال رفع المستثمرين الأجانب المضاربين قضايا تعويض أمام التحكيم الدولي. وأشار إلى أنه قرر تغيير سياسة الوزارة في تخصيص الأراضي عقب توليه منصبه قبل أربع سنوات، من سياسة المنح بالأمر المباشر كما كان مسموحا به في عهد سلفه محمد إبراهيم سليمان إلى سياسة المزايدة كما هو معمول به.
ورغم حرص الدولة المصرية على إيجاد وسائل قانونية للجم التداعيات المتلاحقة للأزمة، فإن مشكلات جديدة ظهرت أمس قد تلقي بظلالها على مشروعات عقارية مهمة أخرى وتصيب القطاع العقاري بأضرار.
فقد قبلت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة أمس دعوى قضائية جديدة ببطلان عقد بيع أراض اشترتها شركة "بالم هيلز" من هيئة المجتمعات العمرانية بمنطقة القاهرة الجديدة في أغسطس 2006 . ومما يزيد من حدة الأزمة أن الدعوى مرفوعة من قبل حمدي الفخراني الصادر لصالحه حكم بطلان عقد أرض "مدينتي". وتطالب الدعوى الجديدة بإلغاء العقد المبرم ببيع هيئة المجتمعات العمرانية مساحة 966 ألف متر في منطقة القاهرة الجديدة إلى شركة بالم هيلز.