مادمت تساعد الآخرين بصمت فأنت تتذكر طوال الوقت أنك إنسان، هذا ما فهمته وأنأ أشاهد ذلك المنظر الإنساني المهيب والمؤثر والذي يستمطر الدمع.
نقلت الكثير من القنوات الفضائية العالمية حفل اعتزال النجمة الإعلامية العالمية (أوبرا وينفري).
أقيم حفل تكريم هذه الموهوبة السمراء والتي تعد من أيقونات الإعلام الأميركي لربع قرن من النجومية المستحقة ولكن لم يكن حفل الاعتزال تكريماً من الجمهور والإعلام لمشوارها المهني الباهر!
لم يكن هذا السبب الأصيل هو السبب لتكريمها!
كان الحفل في إستاد رياضي بشيكاغو، وحين اعتلت المنصة النجمة أوبرا في وسط الملعب، أعلنت مذيعة الحفل للجمهور أن خمسة وستين ألفاً من البشر قد كفلتهم أوبرا عبر مؤسستها الخيرية قبل أكثر من ربع قرن، ولم تتابع إلى أين وصل بهم الحال، وقد جاءوا من كل حدب وصوب ليقولوا لها (شكراً أوبرا) هؤلاء جميعاً قدمت لهم أوبرا منحا دراسية وحياة كريمة غير منقوصة وبلا منّة ودون أن يعرف أحد ذلك وهي أشهر إعلاميي أميركا والعالم.
ذهلت أوبرا من المشهد وجاء أبناؤها بمطربة أميركية تغني لها، وأثناء ذلك خرج لها أربعمائة وخمسون طالباً ممثلين لهذا الجمع يسيرون بشمع في منظر بالغ الدلالة كأنها شموع أوبرا لهم في أول حياتهم ترد لها ثم تحدث خمسة علماء هم نخبة هذا الجمع الكبير وقد أصبحوا أساتذة بجامعة هارفارد وباحثين وقادة مجالاتهم بأميركا اليوم وقد تبرعوا بثلاثمائة ألف دولار لمؤسستها الخيرية.
قال أحد العلماء (لولا أوبرا ربما كنت في مكان غير هذا الذي أنا فيه)، لن أقول هنا كم أوبرا لدينا؟! ولكن لا تمزقوا آذاننا أن المجتمعات الغربية لا خير فيها ولا تكاتف بينهم فما فعلته أوبرا ضالة كل مسلم ثري!
من شاهد ذلك الدمع الغزير الذي ذرفته أوبرا يعلم أنه أغلى من دمع نجاحات ربع قرن من نجاحها المهني.
غنى الراحل طلال مداح قبل ما يقارب ربع قرن (عطني في ليل اليأس شمعة) ربما هو ذات الوقت الذي قدمت أوبرا فيه الشمع للناس دون أن تشترط فيهم عرقا أو لونا أو جنسا أو دينا!