كثر الحديث هذه الأيام عن الخطوط السعودية وقبل يومه السنوي المعتاد الذي عادة ما ينطلق مع حجوزات الصيف والضغط الهائل على هذه الشركة والذي بموجبه لا تحاول تحسين وضعيتها الخدمية لزبائنها المجبرين على استخدامها!
دخلت الخطوط عصرا جديدا من الاستبداد الذي تتعالى به عن كل الشركات العالمية وهو حجب صحيفة عكاظ بسبب انتقادها للخطوط السعودية، وبذلك يتصور مسؤولو الخطوط السعودية أنهم يكسرون أنف الصحيفة ويعتمون على القارئ الخبر الذي بات اليوم يصل بأكثر من ألف طريقة وليست الصحيفة الورقية وحدها مصدره.
تقول الإحصاءات إن الخطوط السعودية وصلت إلى عدد عشرين مليون راكب سنويا، في حين أن الخطوط الإماراتية ليست بعيدة كثيرا عن هذا الرقم، حيث إن طموحها في عام 2012م هو تسعة وعشرون مليون راكب، في حين يبلغ أسطول طائرات الخطوط السعودية بحسب موقع الخطوط السعودية على الإنترنت 149 طائرة، في حين تمتلك الخطوط الإماراتية 151 طائرة. هذه المقارنة البسيطة أحببت أن أبين فيها أن الخطوط السعودية من أكبر الناقلات العالمية الجوية، في حين أن خدماتها المقدمة هي الأضعف على مستوى المنطقة، ناهيك عن العالم!
هناك مشكلة حقيقية في الخطوط السعودية منذ فترة طويلة وتعبت الأصوات من النقد حولها، بل تعب مجلس الشورى من الدعوة إلى تصحيح وضع هذا الناقل الإجباري الذي طيلة السنوات الماضية وهو يستحوذ على المليارات من الريالات من خلال نقل حجاج بيت الله الحرام في الداخل والخارج، ومن خلال أوامر الإركاب الحكومية التي كانت تباع بأسعار خيالية لا يستفيد منها الموظف البسيط أي شيء!
ولا تزال مشكلة أوامر الإركاب لموظفي الدولة على درجة واحدة في السياحي وبعدد محدود تعيق مهام المواطن وترهق الجهة المسؤولة باستنزاف ميزانيتها ودون أي خدمة إضافية مقدمة!
عجيب أمر هذا الناقل الإجباري الذي لا نطالب تجاهه بأي شيء سوى التخصيص ونقله إلى شركة وطنية مسؤولة يمكن محاسبتها.
المملكة العربية السعودية قارة مترامية الأطراف وصعبة التضاريس، والطيران يعد هو الخيار الأمثل للتنقل بين هذه الدولة التي تنعم بالرخاء وأكثر من 25 مليون نسمة لهم مصالح وأعمال وارتباطات يرغبون قضاءها في وقت سريع باستخدام الطيران.
مشكلة الحجوزات في الخطوط السعودية لا تزال مقلقة، فمع ارتفاع الطلب المطّرد على الخطوط ليس بسبب أفضليتها على الخطوط العالمية، بل لأسباب أنها الناقل المباشر بين الوجهات المقصودة، لا تزال الخطوط غير قادرة على استيعاب الطلب المتزايد عليها في عزوف غريب يصعب تفسيره في عالم المال والأعمال. أما على المستوى الإنساني فإني معني بحادثة حصلت لي على هذه الخطوط، فقد كنت متجها من الرياض إلى لندن، وبعد الإقلاع أصبت بآلام حادة جدا في البطن- تبين لاحقا أنها المرارة التي استأصلتها بعد هذه الرحلة – طيلة الرحلة والتي مدتها سبع ساعات وكدت فيها أفقد حياتي بحسب الطبيب وبعد أن وصلت إلى مطار هيثرو، وكان الإسعاف على سلم الطائرة لنقلي إلى المستشفى، وفي الوقت الذي كنت أحاول فيه أثناء الرحلة أن أجد مكانا لي أستلقي عليه لأني لا أستطيع الوقوف ولا الجلوس وكانت الرحلة حينها فيها مقاعد فارغة في الدرجة الأولى لكن الطاقم لم يرغب في إراحتي وفضل أن أبقى مستلقيا في الممرات على أن يقوم بواجبه.
معاملة إنسانية في غاية الخشونة والتمادي في وقت لم أكن أرغب فيه إلا بوصول عائلتي سالمة، والكثير من القصص التي تؤلم، لأن هذا الناقل ليس لديه آلية يعمل على ضوئها ولا أدل على ذلك من أن الحجوزات على أوروبا مقفلة منذ ما يزيد عن شهرين، وأنا أعني ما أقوله وبدون أي تحرك لحل هذه المشكلة، فهناك طلبة وموظفون ومرضى مضطرون للذهاب ولا يملكون ذات الواسطة لأصحاب المال والجاه.