يعتقد كثير من المراقبين أن التطورات الأخيرة في الشارع الأمريكي تدلُّ على حدوث تحول سلبي في مواقف المواطنين الأمريكيين تجاه الإسلام، وأن هناك جهات تدفع بهذا الاتجاه وتنظم حملة موجهة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين عند الأمريكيين لتحقيق أهداف سياسية وغير سياسية. وقد أظهر استطلاع رأي أجراه مركز "بيو" الأمريكي للأبحاث في الفترة الواقعة من 19-22 أغسطس المنصرم أن الشعب الأمريكي لا يزال يُعبِّر عن آراء متضاربة حول الإسلام. فقد تراجعت نسبة الأمريكيين الذين لديهم أفكار إيجابية عن الإسلام منذ عام 2005، لكن نسبة الأمريكيين الذين يعتقدون أن الإسلام يُشجِّع على العنف أكثر من باقي الأديان لم تتغيَّر تقريباً منذ العام الماضي. وكما كان الحال منذ سنة تقريباً، هناك نسبة أكثر قليلا من الناس يقولون إن الدين الإسلامي لا يُشجِّع على العنف أكثر من باقي الأديان (42%) فيما يعتقد (35%) أنه يشجع على العنف أكثر من غيره.

ووسط الجدل الدائر حول اقتراح بناء مسجد ومركز إسلامي قرب موقع مركز التجارة العالمي القديم، بيَّن استطلاع الرأي أن نسبة المعارضين لبنائه (51%) أكبر بشكل ملحوظ من نسبة المؤيدين (34%). وفي الوقت نفسه، قال (62%) من الأمريكيين إن المسلمين يجب أن يتمتعوا بنفس الحقوق التي تتمتع بها المجموعات الدينية الأخرى لبناء بيوت العبادة؛ فيما عبَّر (25%) عن اعتقادهم بأن السكان المحليين يجب أن يكون لهم حق منع بناء المساجد في مناطقهم إذا لم يكونوا يريدون ذلك.

وقد لاحظت الدراسة تفاوتاً واضحاً في مواقف الأمريكيين تجاه الإسلام والقضايا الإسلامية بحسب الفئة العمرية والتحصيل العلمي والانتماء السياسي. وبيَّنت الدراسة أن الأمريكيين الأكبر سناً، والأقل تعليماً، والمؤيدين للحزب الجمهوري لديهم وجهات نظر سلبية تجاه الإسلام أكثر من الفئات الأخرى. فقد عبَّر 54% من الجمهوريين عن وجهة نظر سلبية تجاه الإسلام مقابل 21% عبروا عن وجهة نظر إيجابية. أما الديموقراطيون، فإن نسبة الذين أعربوا منهم عن وجهة نظر إيجابية تجاه الإسلام (41%) كانت أكبر بكثير من نسبة الذين أعربوا عن وجهة نظر سلبية (21%).

وبحسب الاستطلاع، فإن الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً لديهم وجهات نظر متفاوتة عن الإسلام، أما غالبية الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاماً فإن غالبيتهم لديهم أفكار سلبية عن الإسلام.

ومن ناحية ثانية، أعرب غالبية خريجي الجامعات (47%) عن وجهات نظر إيجابية حول الإسلام فيما أعربت نسبة أقل من ذلك بكثير (28%) عن وجهات نظر سلبية.

تقول دراسة مركز بيو إن الآراء حول فيما إذا كان الإسلام يُشجِّع على العنف أكثر من الأديان الأخرى تفاوتت منذ عام 2002. ففي مارس من ذلك العام، قال حوالي 51% إن الإسلام لا يشجع على العنف أكثر من باقي الأديان بينما عبَّر 25% فقط عن عكس ذلك الرأي. منذ ذلك الحين، انقسمت الآراء بشكل شبه متقارب حول هذا الموضوع.

هناك تباين واضح حول بناء مركز إسلامي ومسجد في نيويورك بين مؤيدي الأحزاب المختلفة وبين الفئات العمرية المختلفة. فقد أعرب 74% من الجمهوريين عن اعتراضهم لبناء مسجد نيويورك مقابل 17% لا يمانعون في ذلك. كما قال 50% من المستقلين إنهم يعارضون بناء المسجد مقابل 37% لا يعارضون ذلك. أما الديموقراطيون فقد كانت آراؤهم مختلفة، حيث قال 47% إنهم لا يعارضون بناء المسجد مقابل 39% يعارضون ذلك.

من ناحية أخرى، قال غالبية الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاماً إنهم يعارضون بناء المسجد، بينما قال 50% من الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً إنهم لا يعارضون بناء المسجد مقابل 36% قالوا إنهم يعارضون ذلك.

أما مستوى الدراسة فلم يكن عاملاً مهماً في اختلاف الآراء حول بناء المسجد، حيث أعرب غالبية الأمريكيين من جميع المستويات الدراسية عن معارضتهم لبناء المسجد والمركز الإسلامي في نيويورك.

ومع أن هناك معارضة واضحة لبناء المركز الإسلامي والمسجد في نيويورك، إلا أن غالبية الأمريكيين (62%) قالوا إن المسلمين يجب أن تكون لهم نفس الحقوق التي يتمتع بها أبناء الجماعات الدينية الأخرى عندما يتعلق الأمر ببناء بيوت عبادة. وقد قال غالبية الديموقراطيين (74%) والمستقلين (65%) إن المسلمين يجب أن يتمتعوا بنفس حقوق أبناء الجماعات الدينية الأخرى في بناء بيوت العبادة، أما الجمهوريون فكانوا منقسمين حول هذا الأمر، حيث أيد 47% حق المسلمين بحقوق متساوية في بناء دور عبادة، فيما قال 42% إن السكان المحليين يجب أن يكون لديهم حق منع بناء المساجد في مناطقهم إذا لم يكونوا يرغبون فيها.

غالبية الفئات العمرية - باستثناء الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً - يعتقدون أن المسلمين يجب أن يتمتعوا بنفس حقوق الجماعات الدينية الأخرى في بناء بيوت العبادة.

كما هو الحال في استطلاعات الرأي التي أجراها مركز "بيو" منذ عام 2001، بيَّن استطلاع الرأي الجديد أن غالبية الأمريكيين لا يزالون لا يعرفون إلا القليل عن الإسلام.


مركز بيو للأبحاث


هيئة دراسات أمريكية مستقلة تقدم معلومات حول القضايا والتوجهات التي تهم الولايات المتحدة والعالم. تركز دراسات المركز على قضايا متعددة أهمها الناس والإعلام، والإنترنت والحياة الأمريكية، والدين والحياة العامة، والتوجهات الدولية، والتوجهات الاجتماعية والديموغرافية، وقضايا ومواضيع أخرى.