لأن المعارضين ضد قيادة المرأة للسيارة ممن يعيشون في هناء الحياة اليومية بسياراتهم وسائقيهم؛ أطالبهم اليوم هنا لو كانوا صادقين في حمل أمانة معارضتهم؛ بأن يتخلوا عن قيادة سياراتهم أسبوعا واحدا فقط في مجتمعنا الذي لا يتمتع بالمواصلات العامة؛ ويبدؤون يومهم الصباحي بالوقوف بين زحام السيارات وانتظار سيارات الأجرة البائسة الكريهة الرائحة وغير النظيفة؛ ويذهبون لأعمالهم بها بعد توصيل بناتهم بها أيضا كما تفعل بعض الأرامل والمطلقات؛ ثم يكررون ذات الفعل حين يخرجون من دوامهم في الظهيرة تحت الشمس الحارة وينتظرون سيارة أجرة أخرى؛ وعليهم خلال هذا الأسبوع أن يقضوا جميع حاجاتهم للمستشفى والسوق وغير ذلك بسيارة الأجرة فقط؛ أسبوع واحد عيشوا أيها المعارضون معاناة المرأة السعودية الأرملة والمطلقة والتي لا عائل لها من اليتيمات؛ لو كنتم صادقين في أماناتكم ودراساتكم الفرضية التي هرمنا ولم تتغير نتائجها؟! كي تعرفوا مدى الخطر والذل والمهانة والإرهاق الذي تعرضونها لها حين تمانعون قيادتها.

هذا الأمر هو ما طالبت به هؤلاء المعارضين خلال مشاركتي في برنامج "البيان التالي" مع الزميل الإعلامي الدكتور عبدالعزيز قاسم الجمعة الماضية؛ وما عجبتُ له فعلا أنني حين طالبت به ضيفه الشيخ؛ فاجأني أن نساء بيته يعشن هذا الوضع من سنوات وليس شهرا أو أسبوعا؛ فسبحان الله؛ أقول له عش أنت كرجل وكل المعارضين مثلك هذه المعاناة فيقول لي نساؤنا يعيشن ذلك ولا يعترضن؛ وأتساءل هنا: طالبتك أنت والمعارضين أن تجربوا! فلماذا ترفضون معاناة تجربة لأسبوع واحد تتخلون فيه عن القيادة بينما عليها أن تعاني سنوات وسنوات! ما هذا التحقير والتمييز ضد المرأة! كيف يسمح ضمير هؤلاء تعريض محارمهم لهذا الضرر النفسي والخطر اليومي! وكيف أفهم ترافعهم المنبري المستميت في حفظ المرأة وصيانتها وترويج فكرة أنها ملكة وجوهرة بينما يجعلونها تحت أعين المارين واقفة ويخدشون حياءها وحيدة في القيظ وشدة الحر تنتظر سيارة أجرة تعيسة لا يعلم إلا الله ضمير سائقها وأخلاقه! عجيب هذا التناقض الذي بات جليا للأعمى قبل البصير!

وبصدق، وبعيدا عن هؤلاء؛ فالقرار المنتظر سيحقق الكثير جدا من المصالح الأمنية والوطنية والاجتماعية والاقتصادية المعطلة من أجل درأ مفاسد "فرضية" فرضها قلة من المتوجسين ممن يمارسون التمييز ضد المرأة ولا يثقون بوعي شبابنا السعودي وأخلاقهم ومسؤوليتهم؛ بل ويصورونهم وكأنهم ذئاب بشرية ستنقض على بناتنا متى خرجن وقدن السيارة؛ وأستغرب فعلا تعميم أخلاقيات قلة قليلة من الشباب الفاسد الموجودة في كل المجتمعات الإنسانية على جميع شبابنا السعودي!! فقد بات شبابنا واعين ومسؤولين جدا؛ إنهم من أدهش العالم أجمع في مستوى وطنيتهم ومسؤوليتهم ووعيهم بموقفهم من ثورة حنين المغرضة في ظل الثورات التي اجتاحت دول عربية ومجاورة؛ هؤلاء هم الشباب الذين يصورونهم على أنهم ذئاب وفاسدون لأنهم رأوا قلة في شارع التحلية يحتاجون لقانون صارم يردعهم!.