اعلم أيها القارئ العزيز أن (نيويورك) و(هيوستن) يخطان اسميهما بكل فخر في قائمة أكبر خمس مدن أمريكية، مما يجعل حركة التنقل بينهما أقل بقليل فقط من تلك التي نراها بين أكبر مدينتين في العالم! (جدة) و(الرياض)! أذكر عندما كانت والدتي تحجز لنا مقاعد الذهاب إلى جدة في شهر رجب، لنقضي أيام عيد الفطر السعيد مع أهلنا هناك. نوضع في قائمة الانتظار! وإن حصل وتأكد الحجز، فـ "التأكيد" ما هو إلا مجرد أسماء سموها ما أنزل الله بها من سلطان. قد يلغى حجزك في آخر لحظة لسبب لا يعلمه إلا علام الغيوب. وقد تذهب للمطار، ويذهب ذووك للمطار لاستقبالك، لتكتشف أن مقعدك مؤكد لثلاثة أو أربعة سعداء حظ غيرك. وتضطر "مسافري" العزيز لـ "كنسلة" حجزك وتتبعه بـ"كنسلة" خططك! – أكيد ما عندك شي مهم! وأحيانا قد تتأخر طائرة فيها ما يزيد على 200 أو 300 راكب، انتظارا لـ "راكب" لم يصل بعد.
فأخلاق خطوط طيراننا الحميدة، تحتم الانتظار بابتسامة "الوجه الأصفر" الذي تجده في الماسنجر والرسائل الإلكترونية، لكل "راكب" يكلم الطيار أو المسؤول المباشر ويقول "أنا بتأخر شوي، لا تطير الطيارة!" فسياستهم... "أهم شي الأخلاق"! حياتي المهنية تمنعني من السفر إلى أهلي إلا في نهاية الأسبوع. وكل أسبوع، لمدة شهر الآن، أنا في "معمعة" الحصول على حجز ذهاب يوم الأربعاء بعد الرابعة، وعودة مساء الجمعة. أسمع عبارة "انتظاركم محل تقديرنا" وأحمد الله كل صباح أنه محل تقديرهم، فلا أريد أن أسأل عما قد يحدث لو لم يكن محل تقديرهم! أسمعها لأنصاف الساعات، ولا أبالغ إن قلت ساعات، حتى أستطيع أن أرطب مسمعي بعبارة (ما في حجوزات على جدة، فأتذكر أمي 10 أو 20 سنة إلى الخلف) حطوني يا عم، حطوني، شيلوني، اللي تبوه سووه... أنا مالي غيركم يا بعد طوايفي! كيف بطير على جدة؟ أركب أجنحة؟ ألم يخطر للخطوط السعودية، بإدارتهم ذات الرؤية الثاقبة، إيجاد حل لهذه المشكلة؟ على مدى 23 سنة عشتها! صراحة... لا أعتقد أن هذا هو الحال! الحال يا قارئي العزيز... هو أنه لا يوجد دافع للتحسن، لعدم وجود منافسة. والأسوأ من ذلك، عندما يأتي "منافس" ولكنه تحت الرحمة التامة، لمن يريد منافسته، بسبب الدعم المقدم لبطل أبطال الحلبة.