بما أن النضج الثقافي يحتم علينا مواجهة مواقع الضعف في تفكيرنا ورؤيتنا للحياة، لذا فالسؤال الذي يجب أن نوجهه لأنفسنا بشجاعة - كمجتمع- هو هل صفة التشدد هي محض افتراء علينا؟

لو قمنا فقط بالنظر سريعاً إلى بعض الأحداث الأخيرة لدينا وكيف تم تداول الآراء فيها لربما تمكنا من إلقاء الضوء على بعض من الحقيقة.

جميعنا تقريباً سمع بحملة في الفيس بوك تعبر فيها النساء عن اعتزامهن قيادة السيارة، فكيف عبر الجزء الرافض من المجتمع عن رفضه؟

شكلت حملة في نفس ساحة الصراع تحت شعار "حملة العقال لعدم قيادة السيارة"! حيث يعتزم أفراد هذه المجموعة التعبير عن رفضهم للحملة بالاعتداء على هؤلاء النسوة بالعقال. ولأن النساء شقائق الرجال ولأننا جميعا نتاج نفس النسيج الثقافي فقد قامت سيدات مناصرات للحملة الأولى بتشكيل مجموعة حماية للمجموعة الأصلية وشعارها "حملة بالجزمة على من يمد عقاله يوم 17 يونيو". هذا الصراع العنيف كله على ساحة التواصل الاجتماعي والحمد لله لم ينزل على الأرض.

أما في الحياة الحقيقية فهناك وضع شائع بيننا يثير سؤالا بسيطا وهو: لماذا تنفق الشركات التي توفر المجمعات السكنية لموظفيها الأجانب الملايين، فقط لأنهم داخل مجمعاتهم يمارسون حياة تشبه حياة الناس العادية في العالم؟

إنفاق الملايين فقط لإبقاء هذه المجمعات بعيدةً عن رفض أفراد من المجتمع الذي قد يُظهر بأي شكل كان عدم رضاه عن أسلوب حياةٍ لا يشبه ما تربى عليه.

أخيراً طالعتنا الصحف بخبر يقول إن محمد آل زلفة يلغي محاضرته في النادي الأدبي في الرياض بسبب تلقيه ما يصل 100 رسالة تهديد بالقتل والضرب. ولا أعرف ماذا عساه أن يكون قد فعل رجل مثل آل زلفة ليقتل؟

بعد هذه المقتطفات هل بالفعل نحن متشددون في فرض رأي أو تحقيق مكسب؟ أو أننا يجب أن نراجع أنفسنا ونتصرف كما يقول المثل السوداني "اثنين يقولوا لك راسك مو فيه حسس عليه"