وأخيرا تم إلقاء القبض على المجرم الرابع من الحلقة الصربية الجهنمية، أولهم الدموي المشهور أراكان زعيم عصابات الذئاب (تشنيك) الذي ختم حياته قتلا، وثانيهما سلوبودان ميلوسوفيتش الذي ألقت القبض عليه محكمة لاهاي الدولية للعدالة، ومات في سجون السويد بالشهقة والخنقة، والثالث ذو الشعر الطويل الطبيب النفساني (بالأصح المريض النفساني) والجناح المدني من عمليات التطهير العرقي في البوسنة الذي ألقي عليه القبض متخفيا من حائط لحائط، والآن لفّت أنشوطة العدالة على عنق السفاح الرابع جزار سيبيرينتشكا التي كانت أفظع مذابح القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم سوق أهل هذه المدينة المسلمة ففصلوا الرجال عن النساء والأطفال، ثم سيق الرجال جميعا إلى الغابات المجاورة وتم حصدهم بالرشاش والمدفع والقنبلة والسونكي والغدارة والخنجر، ويومها تسترت القوات الهولندية التي كان من المفترض بها حماية المدنيين، فقصرت وتآمرت ونكلت وسلمت الرقاب للذبح، والكل من دين القتل دما يشربون. وقضى نحبه في تلك المذبحة العارمة سبعة آلاف من الأنام دفنوا في قبور جماعية لم ير نهايته سوى البوم والغربان في الليل البهيم.
كان السفاح الصربي راتوك يومها يداعب شعر ورؤوس الأطفال كما يفعل الراعي قبل ذبح الأبقار والأغنام والمعز والتيس، وكان يفكر في كيفية التخلص من كل مسلم وحرة من أراضي البوسنة.
كان الرجل يكرر بحنق وحقد إنهم يتكاثرون هؤلاء المسلمون؟ وكأن التكاثر عيب وحرام على ملة دون أخرى وشمس الله تسطع على الجميع؟
لقد كتبت عن أرض الدم وصدع الكراهية في البوسنة بحثا نشرته فيما سبق في صحيفة الشرق الأوسط أيام أن اشتعلت الأحداث وعانينا معهم حتى كتب الله لهم نصف نجاة باتفاقية دايتون حيث قال يومها علي عزت بيجوفيتش عليه رحمة الله شآبيب؛ هذا ما أمكنني تحصيله منهم؟
واستفدت من المعلومات التاريخية التي ساقتها لي مجلة (PM) الألمانية عن ذلك التشقق الذي وقع عند حافة البوسنة بين دولتين ولدتا من روما شرقا وغربا وزعها الإمبراطور ثيودوسيوس بين ولديه أوناريوس وأركاديوس فتشكلت الإمبراطورية الرومانية الشرقية في مركزها إسطنبول الحالية وعاشت بعد مدينة روما ألف سنة أخرى؛ حتى جاء أجلها على يد العثمانيين عام 1453م ولله الأمر من قبل ومن بعد.
كل الناس يموتون شنقا وحرقا وغرقا وبالرصاص كما يموت المتظاهرون هذه الأيام في سورية ضربا بالرصاص الحارق الخارق بيد قوى الأمن التي تحسن هذه الصنعة، وكما فعل من قبل راتوك حتى نالته يد العدالة بعد فرار 15 عاما وسوف تنال آخرين أيضا في العالم العربي، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم.