كانت وما زالت وزارة الداخلية تبذل قصارى جهدها لحماية مواطنيها، والمقيمين على أرض المملكة بشتى الطرق، ومن إنجازات هذه الوزارة، أنها استحدثت جهازاً يسمى "أمن الطرق" الذي يمتد من جازان جنوبا إلى القريات شمالا، ومن شرقها إلى غربها، ولأهمية هذا الجهاز في دولة مترامية الأطراف، حرص وزير الداخلية على الحفاظ على كل مواطن في حله و ترحاله من منطقة لأخرى، نعم هذا هو المقصد من جهاز أمن الطرق، ولم يوضع هذا الجهاز لملاحقة أتفه الأسباب للغنيمة بـ" قسيمة" كما نسميها بالعامية، ما حدث معي أني كنت مسافراً براً إلى الرياض، وكنت حريصا كل الحرص على إركاب "رخصتي المنكوبة" قبل إركاب أمتعتي الباقية في السيارة، فقد أجلستها بجانبي، وربطت الحزام على خصرها وتوكلت على الله ثم انطلقت، وما هي إلا سويعات حتى رأيت أنياب الليث بارزةًً "السفتي" أمامي وكانت أنوارها تقول لا تبرح هذا المكان إلا ومعك ورقة صفراء فاقع لونها "مخالفة" لم يخطر في بالي إلا جزء من دعاء السفر و"أعوذ بك من كآبة المنظر" ، وبعد أن توقفت تماماً عند رجل الأمن وكنت متأبطا حزام الأمان مشعلا كل أنوار المنبهات في السيارة "الفلشرات" بادرني العسكري بجملة يعتاد مرتادو الطرق الطويلة سماعها "رخصة واستمارة واصفط على جنب" أوقفت سيارتي فبدأ يبحث عن مخالفة تناسبني بحث يمنة ويسرة في السيارة في أوراقي، ولكنه لم يجد إلا أن البحث جارِ وأنا انتظر إعتاقي فما زال الطريق طفلا أمامي، وهناك ثمان ساعات تنتظرني عبر هذا الأسود الملتوي، كثير المطبات جميل العبارات، هنا عبارة أمامك تحويلة وما أكثرها بين رفحاء و حفر الباطن ، وهناك لوحة (سيزدوج الطريق) وتارة يُطلق سراحه فبين الازدواج والانفكاك أكيال وكويلات، الشاهد في القصة أن رجل الأمن بعد تحديق، وتمحيص في أوراقي بدأت نواجذه تظهر، ثم تغيرت نظرته فجأة ثم صرخ في وجهي هنا تزوير "أنت مزور"!هنا (صُعقت) من وقع كلمة (تزوير) التي حين سمعتها بدأت أبلع ريقي تارةً وأتمتم تارة أخرى... "لن أطيل عليكم أحبتي ..فقد اكتشفت أن تزويري هو أن رخصتي المنكوبة فيها نقطة من حبرِ سقطت من قلم مدون الرخصة مرغما عام 1427هـ بين أرقام السجل المدني وأصبحت كرقم "صفر" وبين أخذِ وجذب لم تجد تبريراتي لرجل (أمن الطرق) وكذلك لم أستطع معه صبرا ولم تنفع توسلاتي بأني في رحلة طويلة، ومحددة بموعد وحتماً سيفوتني الموعد إن أطلت المكوث عنده لكنه أصر فأحالني أنا ورخصتي إلى قسم الشرطة، وهناك حققوا معي أنا ورخصتي، وكدنا أن ندخل السجن أنا ورخصتي، وقطعوا سفرتي، وأرجعوني أنا ورخصتي إلى مسقط رأس رخصتي، مع العلم أن جميع "المخالفات، سرعة، عدم ربط حزام، وغيرها" التي اقترفتها سابقاً أنا ورخصتي كانت تدخل بكل يسر وسهولة إلى حسابي في أجهزة المرور.