لو طرحنا مثلا على طاولة النقاش خارطة حوادث السير المعقدة التي قد حصدت الآلاف من الأرواح، ولم تزل حيث إن الإدارة العامة للمرور ستلقي باللوم بلا شك، وبكامل ثقله على عاتق السائق وحده، كونه في نظرها لم يعِ أو يدرك أو يتقيد بلوائح أنظمة وقوانين السير, وإن أضحى في سريره مقعدا أو في مرقده ميتا، وذووه بدورهم سيحيلون الملامة برمتها إلى هيئة المواصفات، والمقاييس , كونها أجازت دخول مثل تلك المركبات الورقية إلى أراضي المملكة وبعدادات سرعة قد تمكنها من اختراق جدار الصوت، والمقاييس بلا ريب لن تتوانى من رمي كرة الملام في ملعب الإدارة العامة للطرق , كون طرقها لم تبرأ بعد من أمراضها المستعصية.
أما إدارة الطرق فبدورها ستمررها إلى مربع الشركات المنفذة حيث تباطؤها في التنفيذ، والشركات المنفذة بدورها ستعزو ذلك الأمر إلى وزارة العمل التي قد جعلتها تشكو شحا أبديا في الأيادي العاملة، أما وزارة العمل التي أثقلت ملاما فستتسربل كعادتها حريرية السعودة التي دفعتها إلى تضييق الخناق على تلك المصاب التي لا تنفك تتدفق من خلالها العمالة الوافدة , وهلم من تقاذف الكرات تلك على مثل تلك المساحة المغبر مسطحها فمن الأماني التي نرومها معا ) مواطنين ومسؤولين ) هي التحاصص العادل للأخطاء فيما بيننا كي يتسنى حل تلك الشائكة ,أو أي شائكة أخرى منها نعاني، فطاولة التشريح والمعالجة تتطلب من المعنيين ككل الالتفاف المتكامل، والشفاف وبنفس المسافة ,كي تكون المعالجة هنا أشمل وأنجع فكفانا خسرانا لشباب هم في عمر الزهور! فعلى إدارة المرور تجاوز ديمومة المخالفة وأسبوعها المروري اليتيم اللذين لم يغيرا حتى الآن من سلوكيات التهور المروري، وجنون الانطلاق, وعلى كل سائق أن يتقيد بأنظمة وقوانين السير وعلى الأبوين أن يحرصا دوما على مراقبة أبنائهم، و توعيتهم وإرشادهم في ذلك المنحى, وعلى هيئة المواصفات، و المقاييس أن تفرض شروطها على شركات تصنيع السيارات من حيث المتانة، ومعايير السلامة في المركبة، وعلى إدارة الطرق أن تراعي ذلك الكم الحركي من المركبات وازدحامها المطرد على جل الطرق المتصدعة، والمتهالكة، وأن تراجع حلولها إن لم تكن تجدي, وعلى الشركات المنفذة ألا تتباطأ في تنفيذ ما أوكل إليها من أعمال السفلتة، والإنارة والرصف، كونها ملزمة بعقود لابد، وأن تكن مشروطة، وجزائية في ذات الآن, وعلى مكتب العمل ألا ينظر بذات النظرة لكل القطاعات المؤسساتية، والشركات من حيث حاجيتها للأيدي العاملة.