عبدالله.. طفل لم يتجاوز عمره العامين والنصف، اعتاد هو وإخوته كل عام على إخراج نصيبهم من زكاة الفطر بأنفسهم، وذلك بأن يكيل كل واحد منهم مقدار صاع من الأرز بنفسه، ثم يضعه بمساعدة والده في كيس من النايلون، ليتم توزيعه بعد ذلك على الفقراء والمحتاجين ومستحقي الزكاة.

يقول المدرب والمستشار الأسري فهد العامر (والد الطفل عبدالله) "اعتدت تطبيق هذه الفكرة منذ 16 عاماً، ولم أتركها مطلقا، وذلك لكي يتربى أبنائي السبعة على هذه العادة الدينية الحميدة، ويستشعروها، ويعيشوها بأنفسهم، لأني لو أخرجتها كما يخرجها الكثير من الناس في وقتنا الحاضر، لما استشعروها وتعلموها، وعرفوا مقدارها".

وأضاف أن الفكرة تكمن في أن يقوم كل ابن من أبناء الأسرة بكيل نصيبه من زكاة الفطر بالصاع وملئه بالأرز، ومعرفة مقدار الصاع الذي درسه وتعلمه في المدرسة، فربما لا يعرف شكله ولا رسمه.

ويبين العامر أن الفكرة لم تكن حديثة العهد، حيث كان والده رحمه الله يخرج زكاته بنفسه، مشيرا إلى أنه طبقها عندما انتقل للعيش في منزل مستقل مع زوجته وأبنائه، وحل عليه أول عيد للفطر، فذهب إلى والده، وطلب منه أن يعيره الصاع، فأخذ عليه حينئذ العهود والمواثيق بأن يعيده، لأن الصاع ثمين عند والده، ولا يريد أن يفرط فيه".

وقال العامر إن إصرار والده وحرصه على الصاع كان دافعا له بأن يقوم بإخراج زكاة الفطر بهذه الطريقة، ويستمر عليها منذ ذلك الوقت، ليقينه بعمق الفائدة التي تعود على أبنائه من هذه الطريقة، ومنها معرفتهم زكاة الفطر، ومقدار الزكاة، ومعرفة الصاع الذي سمعوا عنه ودرسوه في المدرسة، ولم يشاهدوه، بالإضافة إلى التنافس فيما بينهم حينما يجتمعون لكيل أوزانهم، فكلهم يريد أن يكيل أولا، مع إحساسهم الجميل بأنهم أدوا هذه العبادة بأنفسهم، والتحدث بذلك عنها لأقربائهم وأصدقائهم.

ويرى العامر أن الآباء هم السبب الرئيسي في عزوف الأبناء عن إخراج زكاة الفطر بأنفسهم، كما حمل التجار جزءا من أسباب ذلك، بسبب تزيينهم لرب الأسرة الزكاة التي تباع جاهزة في الأسواق بسهولة حملها وتقسيمها وجاهزيتها.

ودعا الآباء الى إشراك أبنائهم في هذه العبادة، وإعطاء كل واحد من أفراد الأسره مقداره، بالإضافة إلى أخذ الأطفال إلى أماكن مستحقي الزكاة، وشرح فوائدها ومشروعيتها، مؤكدا بأنه لو سئل كثير من الأبناء في الوقت الحالي عن زكاة الفطر لاستغرب من السؤال، لأنه لا يعرف ما هي، ولا يعرف مقدارها ولا يعرف وقتها، لأن الأب هو المتكفل بشرائها وتوزيعها.