كعادته في رصد حركة الإبداع المحلي وخصوصاً في جانب السرد، يذكرنا الأديب والمتخصص في مجال الببليوجرافيا والمعلومات الأستاذ خالد اليوسف أن هذه الأيام تكمل 50 عاماً على إصدار أول رواية نسائية في المملكة على يد الكاتبة سميرة خاشقجي التي كانت تكتب تحت اسم "سميرة بنت الجزيرة". ومن المعروف أنه حدثت خلال الخمسة عقود تلك فترات انقطاع طويلة، ربما لأسباب اجتماعية وثقافية منعت الكثير من المبدعات سواء من جيل سميرة أو من الأجيال التي تلتها من إصدار عمل روائي، حتى جاءت ثورة الرواية النسائية عام 2005، بصدور رواية "بنات الرياض" لرجاء الصانع، وهي الرواية التي أحدثت ضجة وحراكاً إعلامياً ونقدياً ما زال متواصلاً حتى الآن، على الرغم من ضعفها الفني كما أقر بذلك الكثير من النقاد. ولكن أحداثها وطريقة السرد التي انتهجتها اعتبرت حينها قفزاً على ما كان يعتبر خطوطا اجتماعية وثقافية حمراء!. وقد شهد الجميع ما حدث بعد ذلك من تحول كتابة الرواية إلى موضة نسائية، أشبه بموضات الأزياء الموسمية، التي تلبسها حتى ذوات الدخل المحدود، حيث تقمصت رداء الرواية كل من "فكت الخط" وكان لديها الجرأة لأن تكتب كل ما تتهامس به مع صديقاتها!.
بالطبع لم يقتصر الأمر على فئة "الكاتبات" فقد تسابق من فئة "الكُتاب" بعض من عرف بكتابة الخواطر في المجلات الشعبية على إصدار الروايات ذات العناوين المثيرة للذاكرة الاجتماعية. المثير أن هذا الفن الأدبي أدخل عنوة في صراع التيارات الفكرية محليا، فقد ظهرت روايات ذات لغة إنشائية وعناوين تتبنى موقفا واضحا تجاه الآخر "المخالف"، وهو ما لم يسبق حدوثه - حسب علمي - مع فنون أدبية أخرى، فحتى الشعر الذي عرف بأنه أداة التعبير التقليدية لدى العرب منذ أقدم العصور، لم يوظف في صراع التيارات بهذا الشكل الفج، مع الاعتراف بأن هناك قصائد وربما دواوين ألفت بهدف الرد أو الهجوم على أفكار أخرى.
إذن فالمشكلة هي عدم وجود معايير فنية أو جهات تحكم تصنيف ما تصدره مطابع تجارية لا يهم أصحابها "سوى كم يدفع الزبون؟"، فلو أراد الزبون وضع عبارة "رواية" على غلاف كتيب إرشادي أو توعوي لن يجد من يمنعه، بل قد تشاهد مئات الأخبار الصحفية عن هذه "الرواية الإرشادية". وبسبب هذه الممارسات لا تجد أي دار عربية تمانع في وصف ما تطبعه تلقائيا على أنه عمل أدبي مهم يستحق القراءة، كما يحدث مع دار مثل "جاليمار" الفرنسية.