تحيا الجاليات المسلمة المقيمة بعيداً عن أوطانها تفاصيل كافة المناسبات الدينية التي تمر عليها بمشاعر متدفقة وبانتظار حقيقي لهذه المناسبات.
عيد الفطر المبارك هو أحد أهم هذه المناسبات التي يحياها أبناء الجالية الإسلامية في فرنسا، خصوصاً من الجيلين الثاني والثالث، بالكثير من الخصوصية والفرحة.
حول ما يحمله العيد لهؤلاء الأبناء تبدأ بشرى ختير (طالبة ماجستير في مجال الصحافة والإعلام بجامعة السربون) حديثها إلى "الوطن" بالقول: إن أجواء العيد التي تطل على مسلمي المهجر تحمل في ذاتها أجواء الوطن والأهل والذاكرة. على النحو الذي يشكل معه دخول العيد حدثاً استثنائياً بالنسبة لنا في المهجر، يختلط فيه البعد الروحاني بالبعد الوجودي. وتضيف: "نبحث خلال أيام العيد عن تجسيد كل ما تحمله الذاكرة لهذا الموعد الإسلامي هنا، ونعيشه في شكل جماعي كعرس وطني وديني في الوقت نفسه، بحيث نلتقي في تجمعات شبابية وعائلية تحرص مختلف الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني النشطة على توفيرها لأبناء المهجر. ولا يخلو يوم من أيام العيد من موعد احتفالي هنا أو هناك، وفق ما يتم الإعلان عنه عبر الإنترنت أو الرسائل الهاتفية أو آليات الاتصالات الأخرى، وعلى الرغم من أننا نعيش العيد بفرحة كبيرة في هذا الإطار الجماعي فإنه يبقى عيداً مسكوناً بالغربة والوحشة والشعور بأننا أقلية وسط مجموع أكبر له أعياده التي تخصه. فأنا على سبيل المثال كنت العام المنصرم قد ذهبت مع أهلي إلى بلدنا الأم، وكان لي أن أعيش العيد بين أهلي وناسي وأبناء وطني من المسلمين، وهو ما لا نجده هنا، حيث نستشعر الوحدة داخل المجموع الفرنسي الذي يعيش وفق وتيرة مختلفة لا تتقاطع مع ما نعيشه إلاّ بشكل ثانوي. وتواصل: هذا الشعور بالذات هو ما كان يدفعني خلال شهر رمضان الكريم الذي عشته بمفردي في باريس لوجود أهلي في بلدنا هذا العام، لأن أتطوع للعمل في إطار الجمعيات الثقافية والخيرية التي تعتني بمسلمي البلد في هذا الشهر، مثل مشروع "شوربة للجميع"؛ حيث نوزع الأكل على فقراء المسلمين، أو من خلال أنشطة "معهد الثقافة الإسلامية" الذي ترعاه بلدية باريس، حيث واكب المعهد شهر رمضان المبارك ببرنامج ثقافي موسع يزاوج الإفطار بسهرات رمضانية فنية وثقافية تنقل الوطن والذاكرة إلى أبناء المهجر في قلب باريس.
وتواصل ختير: هذا الهم الثقافي والبحث عن الذاكرة والارتباط بالهوية يؤسس لركن أساسي في قلب أبناء المهجر، حيث تجدنا جميعا في حالة بحث مستمر عن آليات تسمح لنا بتأكيد هويتنا وموروثنا الحضاري. لهذا اخترت أن أقوم بتطبيق البرنامج العملي لشهادة التخرج في إطار المهرجان العربي الكبير الذي تشهده مدينة باريس كل عام والذي يحتفل بثقافة العرس الشرقي، حيث أقوم بإعداد الدراسة الميدانية عن الاتصالات ونشر المعلومة من خلال مهرجان الزواج الشرقي الذي يجمع حوله كل عام أبناء الجالية المسلمة؛ التي يفوق عددها كما هو معروف عشرة ملايين مسلم في فرنسا.