لم أكن أتصور أن يُستخدم "النظام" تبريراً لانعدام "الإنسانية"..!

ذات ليلة عاصفة بالرمال.. أصابت "النخوة" هامة شابٍ فهب لإنقاذ عائلة انقلبت سيارتها، تاركاً "ابنته الصغيرة" بين زوجته وأخته وسط الظلام، دون التفكير بشيءٍ سوى "الفزعة" وفعل الخير كما فعل غيره من سالكي طريق (الأرطاوية – المجمعة).. شمر عن ذراعيه معاوناً منقذاً لأسرة، وهو يحبس أنفاسه لعله ينقذهم من "الهلاك".. دون أن يعلم أن الهلاك كان له بالمرصاد، فدهسته سيارة هو وبعض المنقذين، فأردته قتيلاً أمام ابنته التي كانت تتقافز فخراً بوالدها وهي تراه ينقذ المصابين.

سقط الشاب "معجب الجرواني" ميتاً خاتماً حياته بعملٍ صالحٍ.. مودعاً ابنته وزوجته وأخته بموقفٍ شريف.. سقط ميتاَ أمام ناظري ابنته التي كان يرعبها ظلام الليل فزاد فزعها بمنظر والدها ودماؤه تسيل. "رحمك الله".

نجت العائلة ومات "معجب" وهو يعمل وسط المخاطر مساعدةً لأسرة أصابتها مصيبة.. فكان لها نعم العون ونعم الأخ.

مات.. وترك "ابنته وزوجته وأخته" في مشهدٍ مبك يصيب الإنسان بالجنون.. مات "معجب".. فجاءت سيارات الهلال الأحمر ودوريات أمن الطرق، وامتلأت السماء بالأضواء الحمراء ليزيد الرعب رعباً.. فنقل "الجثمان الطاهر" والمصابون إلى المستشفى، وعاينت الجهات الأمنية الحوادث ورسمت التفاصيل الهامشية، فركب كلٌ سيارته تاركين "أسرة المنقذ" وحدها وسط الظلام والصحراء.. فقط لأن النظام لا يسمح بنقل "النساء" وحدهن دون محرم، وحتى لو كان محرمهن محمولاً بالإسعاف..!

رفض أفراد من أمن الطرق مساعدة النساء بعد أن فقدن "العزيز" مساعداً لأمن الطرق منقذاً لأسرةٍ من هلاك.. فجاء "شهمٌ" من أمثال "معجب" فكان لأهله سنداً وأخاً أميناً حتى جاء أهلهن.. "كثّر الله من أمثاله".

ما أقساك أيها "النظام".. وما أقساك أيها "الإنسان" حين تُقدم "النظام" على "الإنسانية" بلا أية مشاعر..!